اسم الکتاب : الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 69
الموقوف: "من أرضى الله بسخط الناس؛ رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله؛ عاد حامده من الناس له ذامّا"، وهذا من أعظم الفقه في الدين؛ فإن من أرضى الله بسخطهم؛ كان قد اتقاه، وكان عبده الصالح، والله يتولى الصالحين، والله كاف عبده، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [1]، والله يكفيه مؤونة الناس بلا ريب، وأما كون الناس كلهم يرضون عنه؛ فقد لا يحصل ذلك، ولكن يرضون عنه إذا سلموا من الأغراض، وإذا تبين لهم العاقبة. ومن أرضى الناس بسخط الله؛ لم يغنوا عنه من الله شيئا؛ كالظالم الذي يعض على يديه، وأما كون حامده ينقلب ذامّا؛ فهذا يقع كثيراً، ويحصل في العاقبة؛ فإن العاقبة للتقوى، ولا تحصل ابتداء عند أهوائهم" انتهى كلامه - رحمه الله -.
ومن هذا الحديث برواياته يتبين أن الإنسان إذا كان يطلب بعمله إرضاء الله بماس يسخط الناس؛ حصل على مصلحتين عظيمتين: رضى الله تعالى ورضى الناس. ومن كان بالعكس يطلب بعمله إرضاء الناس بما يسخط الله - عز وجل، حصل له مضرتان: سخط الله وسخط الناس؛ فدل على أن إرضاء الله تعالى يجمع الخير كله، وأن إرضاء الناس بما يسخط الله يجمع الشر كله، نسأل الله العافية والسلامة.
هذا ويجب أن نعلم أن الخوف من الله - سبحانه - يجب أن يكون مقرونا بالرجاء والمحبة؛ بحيث لا يكون باعثا على القنوط من رحمة الله - عز وجل، فالمؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء؛ بحيث لا يذهب مع الخوف فقط حتى يقنط من رحمة الله، ولا يذهب مع الرجاء فقط حتى يأمن من مكر الله؛ لأن القنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله ينافيان التوحيد؛ قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [2].
وقال تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [3]. [1] سورة الطلاق، الآية: 2. [2] سورة الأعراف، الآية: 99. [3] سورة يوسف، الآية: 87
اسم الکتاب : الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 69