اسم الکتاب : الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 243
والمقصود من الآية الكريمة: أن من لم يكن إيمانه متحققا إذا طلعت الشمس من مغربها؛ لم ينفعه تجديد الإيمان، ولم ينفعه فعل بر من جميع الأعمال؛ لأنه فقد الإيمان الذي هو الأساس لما عداه من تلك الأعمال؛ فلا ينفعه إيمانه الحادث حينئذ، ولا ما صدر منه قبل ذلك من الإحسان وعمل البر من صلة الأرحام وإعتاق الرقاب وقري الأضياف وغير ذلك مما هو مكارم الأخلاق، لأنها على غير أساس؛ قال تعالى: {الَّذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهمْ أَعْمالُهمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيْحُ} [1]، والإيمان الحادث في ذلك الوقت ليس مقبولاً.
وقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس؛ آمنوا أجمعون؛ فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها".
وقال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: "وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححة النسائي وابن ماجه من طريث عاصم بن أبي النجود، عن زر ابن حبيش، عن صفوان بن عسال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله فتح بابا قبل المغرب عرضه سبعون "أو قال: أربعون" عاما للتوبة، ثم لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها".
فهذا الأحاديث المتواترة مع الآية الكريمة دليل على أن من أحدث إيمانا وتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل منه، وإنما كان كذلك - والله أعلم؛ لأن ذلك من أشراط الساعة وعلاماتها الدالة على اقترابها ودنوها؛ فعومل ذلك الوقت معاملة يوم القيامة؛ كما قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا} [2]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا [1] سورة إبراهيم، الآية: 18. [2] سورة الأنعام، الآية: 158.
اسم الکتاب : الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 243