responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر    الجزء : 1  صفحة : 31
تشبيه آخر، وهو تشبيه الله بالممتنعات والمعدومات أو الجمادات، وذلك بحسب نوع تعطيلهم، وقد "برّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنّته عن ذلك كلّه فلم يصفوه إلاَّ بما وصف به نفسه ووصفه به نبيُّه صلى الله عليه وسلم، ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبّهوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عمّا أنزلت عليه لفظاً ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتهم بريًّا من التشبيه، وتنزيههم خليًّا من التعطيل لا كمن شبّه حتى كأنَّه يعبد صنماً، أو عطّل حتى كأنَّه لا يعبد إلاَّ عدَماً"[1]، والحمد لله رب العالمين.

[1] فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى (ص:51) ، وهي مستلّة من بدائع الفوائد لابن القيم.
2 ذم التأويل لابن قدامة (ص:26) .
3 سورة: فاطر، الآية: (10) .
المبحث الثالث:
في معنى قوله "والإيمان به واجب" والضوابط المستفادة منه
لا ريب أنَّ الإيمان بالاستواء وغيره من صفات الباري سبحانه واجبٌ، وكذلك "الجحود به كفرٌ، لأنَّه ردٌ لخبر الله، وكفرٌ بكلام الله، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر، فكيف بمن كفر بسبع آيات وردَّ خبَرَ الله تعالى في سبعة مواضع من كتابه"[2]، وقد سبق أنْ مرّ معنا نصوصٌ كثيرةٌ في مبحث سابق فيها أوضح دلالة على وجوب الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة. و"كتاب الله من أوّله إلى آخره، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أوّلها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة مملوءٌ بما هو إمّا نصٌ وإمّا ظاهرٌ في أنَّ الله سبحانه وتعالى هو العليُّ الأعلى، وهو فوق كلِّ شيء، وهو على كل شيء، وإنَّه فوق العرش، وإنَّه فوق السماء، مثل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [3]، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ
قال إسحاق بن راهويه: حدّثنا بشر بن عمر: سمعت غير واحد من المفسّرين يقولون: " {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} : أي ارتفع"[1].
وقال البخاري في صحيحه: قال أبو العالية: "استوى إلى السماء: ارتفع"، قال: وقال مجاهد: "استوى: علا على العرش"[2].
وقال الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره المشهور: "وقال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: استوى إلى السماء: ارتفع إلى السماء، وكذلك قال الخليل بن أحمد"[3].
وروى البيهقي في كتاب الصفات قال: قال الفرّاء: "ثم استوى، أي صعد، قاله ابن عباس، وهو كقولك للرجل: كان قاعداً فاستوى قائماً"[4].
وروى الشافعي في مسنده عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الجمعة: "وهو اليوم الذي استوى فيه ربّكم على العرش"[5].

[1] أورده الذهبي في العلو، وقال الألباني - حفظه الله - (ص:160 مختصره) :"وهذا إسناد صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ ... ".
[2] صحيح البخاري (13/403 الفتح) .
[3] تفسير البغوي (1/59) .
[4] الأسماء والصفات (2/310) .
[5] مسند الشافعي (ص:70 71) ، ورواه الذهبي في العلو من طريق الشافعي (ص:29 30) ثم قال: "إبراهيم وموسى ضعفاء، أخرجه الإمام محمد بن إدريس في مسنده، وقد أخرجه الدارقطني من طريق حمزة بن واصل المنقري، عن قتادة، عن أنس، ومن طريق عنبسة الرازي، عن أبي اليقظان عثمان بن عُمير، عن أنس، عن ابن محمد بن شعيب بن سابور، عن عمر مولى عفرة، عن أنس.
وأخرجه القاضي أبو أحمد العسّال في كتاب المعرفة له عن رجال، عن جرير ابن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن أبي حميد وهو أبو اليقظان عن أنس، ورواه من طريق سلام بن سليمان، عن شعبة وإسرائيل وورقاء، عن ليث أيضاً.
وساقه الدارقطني من رواية شجاع بن الوليد، عن زيادة بن خيثمة، عن عثمان ابن أبي سليمان، عن أنس، والظاهر أنَّ عثمان أبو اليقظان، وحدّث به الوليد ابن مسلم، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن سالم بن عبد الله، عن أنس ابن مالك، وهذه طرق يعضد بعضها بعضاً، رزقنا الله وإيّاكم لذّةَ النظر إلى وجهه الكريم".
اسم الکتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست