اسم الکتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 41
رجعوا إلى السنة، واختلفوا في حروب الردة، وسرعان ما اتّفقوا على قتال المرتدِّين، لأنهم رجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله.
فأهل الحق حتى لو حصل بينهم خلاف ناتج عن اجتهاد، فإنهم يرجعون إلى كتاب الله، بخلاف أهل الضلال فإن كل واحد يركب رأسه، ولا يُصْغي للآخر، كل واحد يريد أن يكون هو الشيخ والمعظَّم، لأنه يريد تعظيم نفسه، ولا يريد الحق؛ فلذلك تجدون أهل الضلال دائماً في اختلاف، ودائماً في صراع، وتجدون أهل الضلال تتشعّب مناهجهم، وتتنوّع، وكل حين يخرج مذهب جديد، هذه صفة أهل الضلال- والعياذ بالله- وهذا مذكور في هذه الآية: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} وضّح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية بتوضيحٍ محسوسٌ: ذلكم أنه خط صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الأرض خطّاً معتدلاً، ثم خطّ على جَنَبَتَيْه خطوطاً، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخط المعتدِل: "هذا صراط الله"، وقال لهذه الطرق: "وهذه سُبُل، على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه"، هذا مثال واضح من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبيان الآية الكريمة: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} .
وفي سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقول: "ومن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي؛ تمسّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ؛ وإياكم ومحدَثات الأمور، فإن كلّ محدَثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة"، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاَّ واحدة"، فقالوا: من هي يا رسول الله؟، قال: "مَنْ كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي" هذا صراط الله عز وجل في الآيات وفي الأحاديث.
ولا نستغرب إذ حصل اختلافات، ونشأتْ مذاهب ضالّة، وحصل صراعات بين الناس، لا نستغرب هذا، لأن هذه سنة الله سبحانه وتعالى لابتلاء العباد وامتحانهم، ومن هو الذي يثبت على الطريق ومن هو الذي لا يثبت؟
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما حضرته الوفاة أراد أن يكتُب كتاباً لأصحابه، يَعْهَد إليهم فيه، ولكنه عدل عن ذلك، وتُوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يوص ولم يَعْهَد إليهم، فتأسّف بعضهم، فابن مسعود يقول: لستم بحاجة إلى كتاب يكتبه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن عندكم القرآن.
اسم الکتاب : إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد المؤلف : الفوزان، صالح بن فوزان الجزء : 1 صفحة : 41