فالإيمان بالقدر وربوبية الله يدخلان ضمن توحيد الأسماء والصفات، وذلك أن الرب اسم من أسماء الله، والربوبية والقدرة والعلم والإرادة من صفات الله العليا.
ولفظ القدر قد يراد به التقدير، وقد يراد به المقدر. فإذا أردت أن أفعال العباد نفس تقدير الله الذي هو علمه وكلامه ومشيئته ونحو ذلك من صفاته فهذا غلط وباطل، وإن أردت أنها مقدَّرة لله تعالى فهذا حق؛ فإنها مقدرة كما أن سائر المخلوقات مقدرة [1].
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال وعرشه على الماء" [2].
فالله سبق علمه بكل مخلوق وقدره، وكتب ذلك في إمام مبين، ثم شاء وخلق وقدر وجوده على وفق ما قدره، لا يخرج عن ذلك شيء، لا أفعال الإنسان ولا غيرها، سواء كانت هذه الأفعال خيرا أو شرا، طاعة أو معصية. كما لا يخرج عن ذلك ما يصيب الإنسان وما يقع في الكون من أحداث، فإذا آمن العبد بهذا كله علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. [1] مجموع الفتاوى 8/410. [2] أخرجه مسلم كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام 4/2044 ح2653 من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص.