والجنة [1] وغيرها من المغيبات، فهي عن التكييف لذات الرب وصفاته أعجز. وفي هذا يقول الشافعي: "حرام على العقول أن تمثل الله تعالى وعلى الأوهام أن تحد، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تعمَّق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل إلا ما وصف به نفسه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم" [2].
وقال ابن عبد البر: "لا خلاف بين فقهاء الأمصار وسائر أهل السنة، وهم أهل الفقه والحديث في نفي القياس في التوحيد، وإثباته في الأحكام" [3].
"ج" الصفات عند الإمام أبي حنيفة معلومة المعنى، مجهولة الكيفية، وليس عنده التفويض المطلق، دلّ على ذلك قوله لما سئل عن النزول الإلهي قال: "ينزل بلا كيف" [4].
قال الملاّ علي القاري بعد ذكره قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول ... ": "اختاره إمامنا الأعظم وكذا كل ما ورد من الآيات والأحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات. فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها. فإذا كان ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم [1] الرسالة التدمرية ص46، 47، 50-57، والحموية ص110، 112، ومجموع الفتاوى 3/28، 30-34، 5/115، 116. [2] ذم التأويل ص143، ضمن مجموعة الرسائل الكمالية رقم 3. [3] جامع بيان العلم وفضله ص74. [4] عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، ط، دار السلفية، والأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري، وشرح الطحاوية ص245، تخريج الألباني، وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60.