ثم قال: البول أنجس أم النطفة؟
قال أبو جعفر: البول أنجس.
قال: فلو كنت حولت دين جدك بالقياس، لكنت أمرت أن يغتسل من البول ويتوضأ من النطفة؛ لأن البول أقذر من النطفة.
ولكن معاذ الله أن أحول دين جدك بالقياس فقام أبو جعفر فعانقه" [1].
بل إنه يقدم على القياس الحديث المرسل والضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يرى جواز القياس مع وجود أحدهما. ذكر ابن حزم في الأحكام أن أبا حنيفة قال: "الخبر المرسل والضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده" [2].
بل ذم القياس مع وجود النص أو القياس على غير الأصل من كتاب أو سنة صحيحة. روى الصيمري عن وكيع [3] أنه قال: سمعت أبا حنيفة يقول: "البول في المسجد أحسن من بعض القياس"[4].
ولقد نفى عنه بعض الأئمة هذه التهمة، منهم المعاصرون ومنهم المتأخرون وأولئك كثير نكتفي بذكر بعض الأقوال. [1] مناقب أبي حنيفة للمكي ص143. [2] الإحكام في أصول الأحكام 7/54، تحقيق أحمد شاكر الطبعة المنيرية سنة 1347هـ. [3] هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي بضم الراء وهمزة ثم مهملة أبو سفيان الكوفي، قال عنه ابن حجر: "ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة" مات في آخر سنة 196هـ أو أول سنة 197هـ وله سبعون سنة، تقريب التهذيب 2/331، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 11/123. [4] أخبار أبي حنيفة ص13، والكامل لابن عدي 7/2476.