النظر في ذلك، وصولة الملوك قاهرة لمن وقر في قلبه شيء من ذلك إلا من شاء الله منهم.
هذا: وقد رأى معاوية وأصحابه - رضي الله عنه - منابذة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقتاله ومناجزته الحرب وهم في ذلك مخطئون بالإجماع، واستمروا في ذلك الخطأ، ولم يشتهر عن أحد من السلف تكفير أحد منهم إجماعًا، بل ولا تفسيقه، بل أثبتوا لهم أجر الاجتهاد وإن كانوا مخطئين، كما أن ذلك مشهور عند أهل السنة» [1] .
بيان الحق في زلة العالم وحفظ مكانته: قال: «ونحن كذلك: لا نقول بكفر من صحت ديانته، وشهر صلاحه وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته وبلغ من نصحه الأمة ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة والتأليف فيها، وإن كان مخطئًا في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي فإنا نعرف كلامه في الدر المنظم ولا ننكر سعة علمه، ولهذا نعتني بكتبه كشرح الأربعين والزواجر وغيرها، ونعتمد على نقله إذا نقل؛ لأنه من جملة علماء المسلمين» [2] .
دعوة المنصفين إلى حقيقة الأمر الذي هم عليه: قال: «هذا ما نحن عليه مخاطبين من له عقل وعلم، وهو متصف بالإنصاف خال عن الميل إلى التعصب والاعتساف ينظر إلى ما يقال لا إلى من قال» [3] .
ومن أصر على الباطل يؤخذ بالحزم: قال: «وأما من شأنه لزوم مألوفه وعاداته سواء كان حقًا أو غير حق، فقلد من قال الله فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] [سورة الزخرف، آية: 23] ، عادته وجبلته أن يعرف الحق بالرجال لا الرجال بالحق، فلا نخاطبه وأمثاله إلا بالسيف حتى يستقيم أوده ويصح معوجه، وجنود التوحيد - بحمد الله - منصورة، وراياتهم بالسعد والإقبال منشورة: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] [سورة الشعراء، آية: 227] ، [1] السابق (1، 236) . [2] السابق (1، 237) . [3] السابق (1، 237) .