حتى إنه إذا لم يقبل يده كلما صافحه عاتبه وصارمه أو ضاربه أو خاصمه، فهذا لم يرد به نص ولا دل عليه دليل، بل منكر تجب إزالته، ولو قبل يد أحدهم لقدوم من سفر أو لمشيخة علم أو في بعض الأوقات لطول غيبه فلا بأس، إلا أنه لما أُلف في الجاهلية الأخرى: أن التقبيل صار علمًا لمن يعتقد فيه أو في أسلافه أو عادة المتكبرين من غيرهم، نهينا عنه مطلقًا، لا سيما لمن ذكر حسمًا لذرائع الشرك ما أمكن» [1] .
هدم القباب على القبور حسمًا لمادة الشرك: ومما أثاره عليهم خصومهم - أهل البدع - وأجلبوا عليهم بخيلهم ورجلهم، وأوغروا صدور عوام المسلمين الجاهلين بحقيقة الأمر مسألة هدمهم للقباب والمزارات والمشاهد البدعية. وهذا من التلبيس وقلب الحقائق، فإن ذلك مما يمدحون به ويشكر لهم لأنهم إنما فعلوا ذلك امتثالًا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صح عنه الأمر بذلك والنهي عن البناء على القبور.
قال: «وإنما هدمنا بيت السيدة خديجة، وقبة المولد، وبعض الزوايا المنسوبة لبعض الأولياء، حسمًا لتلك المادة، وتنفيرًا عن الإشراك بالله ما أمكن لعظم شأنه فإنه لا يغفر، وهو أقبح من نسبة الولد لله تعالى، إذ الولد كمال في حق المخلوق، وأما الشرك فنقص حتى في حق المخلوق، لقوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي} [الروم: 28] [سورة الروم، آية: 28] » [2] .
بيان حكم تزويج الفاطمية لغير الفاطمي: قال: «وأما نكاح الفاطمية غير الفاطمي: فجائز إجماعًا، بل ولا كراهية في ذلك، وقد زَوَّج علي عمر بن الخطاب، وكفى بهما قدوة، وتزوجت سكينة بنت الحسين بن علي، بأربعة ليس فيهم فاطمي، بل ولا هاشمي، ولم يزل عمل السلف على ذلك من دون إنكار، إلا أنا لا نجبر أحدًا على تزويج موليته ما لم تطلب هي، وتمتنع من غير الكفء، والعرب: أكفاء بعضهم لبعض، فما اعتيد في بعض البلاد من المنع دليل التكبر، وطلب التعظيم، وقد يحصل [1] المصدر السابق، (1، 233) . [2] المصدر السابق، (1، 233) .