تعظيمهم لقدر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحقوقه - صلى الله عليه وسلم -: وكانت من أشنع الأكاذيب والبهتان الذي يشاع عن هذه الدعوة المباركة وأئمتها وأتباعها دعوى: أنهم لا يحترمون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يقدرونه حق قدره، وأنهم ينقصونه، لكن الله حسبنا ونعم الوكيل.
قال: «والذي نعتقده أن رتبة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق، وأنه حي في قبره حياة برزخية، أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل، إذ هو أفضل منهم بلا ريب، وأنه يسمع سلام المسلِّم عليه، وتسن زيارته، إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه، وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس، ومن أنفق نفيس أوقاته بالاشتغال بالصلاة عليه - عليه الصلاة والسلام - الواردة عنه، فقد فاز بسعادة الدارين، وكفى همه وغمه كما جاء في الحديث عنه» [1] .
والحق أنهم إن لم يكونوا هم وأمثالهم أحباء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأولياؤه حقًا لاتباعهم سنته، وبذلهم الأرواح والأموال، والمهج في سبيل محبته واتباع هديه وطاعته ونصرة دينه، وتطهيره من البدع والشركيات. إن لم يكن هؤلاء أحباءه فمن؟ إن أهل البدع والأهواء والافتراق الذي جانبوا سنته هم الذين لا يحبونه حقًا، ولم يقدروه حق قدره وإن زعموا ذلك، فالحب ليس بمجرد الدعوى، لكن بالاتباع والعمل بسنته.
حقيقة مذهبهم في الأولياء وكراماتهم وحقوقهم:
وكذلك كذب عليهم خصومهم، وأشاعوا (كذبًا وبهتانًا) بأنهم لا يحبون الأولياء والصالحين، وحقيقة الأمر أنهم أولى بالأولياء والصالحين ممن آذوا الأحياء والأموات، بالبدع والخرافات والمكاء والتصدية، والسماعات المحدثة، والتبركات المبتدعة.
قال: «ولا ننكر كرامات الأولياء ونعترف لهم بالحق، وأنهم على هدى من ربهم، مهما ساروا على الطريقة الشرعية والقوانين المرعية، إلا أنهم لا يستحقون شيئًا من أنواع العبادات، لا حال الحياة ولا بعد الممات، بل يطلب من أحدهم الدعاء في حال حياته، بل ومن كل مسلم، فقد [1] المصدر السابق (1، 231) .