وما يتصل بها " [1] وكان هذا الأمر فيما يبدو قد شجع إمام اليمن المتوكل فيما بعد، وجعله يفضي إلى علماء اليمن برغبته في هدم القباب وإزالتها، وذلك على إثر وصول نفر من علماء الدعوة السلفية إلى صنعاء عام (1229 هـ \ 1813 م) [2] وقد كان موقف علماء صنعاء عندئذ موجبا لهدم تلك القباب، إذ يبدو أن أثر الدعوة قد وقع في قلوبهم مما جعل الإمام المتوكل حينذاك يباشر هدم معظم القباب المشهورة بصنعاء، ويأمر بإبلاغ أمره بهدم القباب بعامة إلى بقية بلدان اليمن [3] ويؤيد هذا قول عبد الرحمن بن عبد الله الزميلي بأن شيخه القاضي أحمد العنسي ذكر له، وهو يتلقى العلم على يديه بمدينة إب عام (1359 هـ \ 1940 م) أن بمدينتهم تلك آثارا لقباب مهدمة وأماكن محرقة من عهد الإمام سعود بن عبد العزيز [4] (1229 - 1218هـ) ، وإذا صح هذا فإن معظم بلدان اليمن إذن قد أدركت شيئا من أثر الدعوة السلفية، وأن ذلك الأثر قد كان في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الهجري.
وبمثلما أثرت الدعوة السلفية في صنعاء وما حولها أثرت كذلك في تهامة اليمن وفي حضرموت، أما تهامة اليمن فبعد أن تمادى أهلها في تعظيم القبور وأقر علماؤها " ما يحدث من أنواع الشرك بمرأى ومسمع ([5]) " أصبحت بعد ذلك في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الهجري " صافية عن تلك الأمور التي كان يتلوث بها أهلها، فلا يقدر أحد [1] محمد بن علي الشوكاني، البدر الطالع، ج2، ص (262، 263) . [2] مجهول، حوليات يمانية، ص (7) . [3] المصدر نفسه، ص (8) ، قال صاحب حوليات يمانية في أخبار عام 1229 هـ: إن جماعة من الدعاة السلفيين وفدوا إلى صنعاء " وخاطبوا المتوكل في خراب القباب المنصوبة على قبور الصالحين والأئمة الهاديين، فجمع الإمام أعيان دولته وعلماء حضرته، وأجاب عليه العلماء بأنه إذا كان العمل بالشريعة حقيقة لا على أنها مداهنة للنجدي وقبول قوله، فهذه القباب ورفع القبور بدعة لا على الوجه المشروع، كما روي عن أمير المؤمنين بهدمها وتسويتها بالأرض، فرجح المتوكل بهدمها وهدمت (الذي) في صنعاء وما حولها: قبة صلاح الدين، وقبة المنصور حسين في الأبهر، وقبة الفليحي، وسدة قبة المهدي العباس التي فيها القبر، وهدمت قبة أحمد بن الحسن في الغراس، وأرسل إلى بقية النواحي بهذا "، ص (7، 8) . [4] مقابلة شخصية مع عبد الرحمن بن عبد الله الزميلي (شوحط في 9 هـ) . [5] محمد بن علي الشوكاني، أدب الطلب، ص (171، 172) .