في مواضعها آمنات مطمئنات، وليس عندها من يرعاها ويحميها إلا من يأتيها غبا ويسقيها ".
لقد أثبتت التجربة السعودية في جميع عصورها أنه بتطبيق الشريعة، ولو جزئيا، وفي حدود الإمكانيات المتاحة لكل مجتمع، أي بتطبيق قانون العقوبات، يمكن أن يتحقق أول شرط من شروط المجتمع الإنساني، وهو الأمن الفردي، الأمن على النفس والمال والعرض، بل أول شرط يجب توفره للحديث عن تطور اجتماعي أو حضاري، وهو ما كان الشرق يفتقر إليه، وما كان الغرب يستغله للتشهير بالشرقيين، وتبرير حملاته وغزواته واسترقاقه للشرق بحجة توفير الأمن بين الشعوب المتوحشة الهمجية، وما كانت بعض القطاعات - ولا تزال إلى اليوم - تحمده للاستعمار الأوروبي، فأثبتت الوهابية في تألقها في الدولة الأولى، وفي عهد عبد العزيز، بل حتى في فترات انكماشها، أن الشريعة الإسلامية، بما تخلقه من حس بالعدل في نفوس المؤمنين بها، وما تفرضه من سيادة للقانون بقوة السلطة، يمكن أن تحقق أمنا يفوق قدرة أي مجتمع وأية حضارة عرفها التاريخ، وكتب الغربيين حافلة بالنوادر المدهشة المذهلة للمواطن الأوروبي الأمريكي، ليس في عصرنا هذا حيث اختل الأمن، وتحولت مدن الغرب إلى غابات مفزعة، يخشى السير فيها بعد غروب الشمس، وتزود غرف فنادقها بالسلاسل، بل والأقفال الإلكترونية التي تتغير كل 24 ساعة، بل كان الأمن السعودي مثيرا لدهشة الغربيين حتى في العصر الذي كان يضرب به المثل على قوة الردع الكامنة في عصا رجل الشرطة البريطاني، المحظور عليه - وقتها - حمل السلاح مكتفيا بهيبة أو رعب القانون المتمثل في عصا رجل الشرطة.
حتى في هذا الوقت استطاع السعوديون أن يقولوا: " نظامنا أفضل، ولسنا بحاجة إلى قوانين الغرب وأنظمته، عندنا الحل الأفضل ".
" وقد شهد بوركهارت للوهابيين ضد الأتراك فقال: " وما الوهابية إن شئنا أن نصفها إلا الإسلام في طهارته الأولى، وإذا ما أردنا أن نبين الفرق بين الوهابيين والترك فما علينا إلا أن نحصي الخبائث التي اشتهر بها الترك ".
صدقت!
وقال: " لكي نصف الدين " الوهابي فإن ذلك يعني وصف العقيدة الإسلامية، ولذا فإن علماء القاهرة أعلنوا أنهم لم يجدوا أية هرطقة (بدعة أو خروج عن الدين) في الوهابية، وحتى بعد سقوط الدولة السعودية فإن ظاهرة الانفجار الإسلامي ستظل تجذب المستكشفين، وسيأتي جورج