الدولة السعودية لتصبح القوة الرئيسة في جزيرة العرب.
لقد قدر العالم فرصة قليلة لنجاح الدعوة السلفية، وربما كان تقدير سكان المدينتين المقدستين لنجاح هذه الحركة أقل من غيرهم؛ لأن ما كانت الدعوة الإصلاحية تقوم عليه وتطالب بإلغائه كان من بين متطلبات الحياة عند سكان المدينتين المقدستين، فالقبور والأضرحة والبيوت المقدسة كانت تجلب الأموال والفوائد للأدلاء والسدنة، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يتغنى باسمه في كل عيد بأغاني المديح تعد زيارة قبره في المدينة من أكبر الحظوظ، إن كل هذه الأمور تبدو على عكس ما يراه زعماء الإصلاح الجدد، الذين كانوا يرون أن معظم الجاليات الإسلامية في مكة والجنود وكذلك الرعاع تنتاب حياتهم الكثير من البدع، وأن بعض العلماء هنا يتساهل في قبول مثل هذه الأمور البدعية " [1] .
يقول المستشرق الأسباني " أرمانو " الذي طاف عام (1921) في أنحاء نجد:
" إن كل ما ألصق بالوهابية من سفاسف وأكاذيب لا صحة له على الإطلاق، فالوهابيون قوم يريدون الرجوع بالإسلام إلى عصر صحابة " محمد " صلى الله عليه وسلم، وإنما ينقصهم للوصول إلى أهدافهم المقدسة رجال متنورون مثقفون، وهم ويا للأسف قلائل في هذه الديار، كما تنقصهم أيضا الدعاية لأجل إظهارهم على حقيقتهم البريئة الشريفة " [2] .
ويقول أحد المعاصرين المحايدين، وهو ولي العهد لولاية برليس بماليزيا: حيث قرأ ترجمة كتاب " مجموع رسائل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب " فقال: " وقرأت تلك الترجمة ووجدت أن ما فيها كله مستدل بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، ووجدت أن محمد بن عبد الوهاب في كتابه دعانا إلى توحيد الله والابتعاد عن الشرك والخرافات، وهل مثل هذه التعاليم خطأ ويؤدي إلى الخلاف والتفرقة؟ وأنا أرى أن من قرأ الكتاب سيجد الشيخ أراد أن نفرق بين الحق والباطل وبين الهداية والضلالة " [3] . [1] صفحات من تاريخ مكة (258، 259) . [2] كتاب " الإسلام " للمستشرق الإيطالي (ليبرتيني) نقلا عن كتاب بين الديانات والحضارات لطه المدور (142) . [3] مقتطفات من كلمة ولي عهد ولاية (برليس) بماليزيا في دورة تدريبية لمعلمي اللغة العربية والثقافة الإسلامية التي أقامتها الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عام (1415 هـ) مناولة الدكتور عبد الله بن محمد الطريقي.