أطلتُ النظر إلى وردة في غصنها زاهية عطرة، متأنقة، متأنثة؛ فكدت أقول لها: أنت أيتها المرأة، أنت يا فلانة.
أليس عجيبًا أن كل إنسان يرى في الأرض بعض الأمكنة كأنها أمكنة للروح خاصة؛ فهل يدل هذا على شيء إلا أن خيال الجنة منذ آدم وحواء، لا يزال يعمل في النفس الإنسانية؟
الحياة في المدينة كشرب الماء في كوب من الخزف؛ والحياة في الطبيعة كشرب الماء في كوب من البَلُّور الساطع؛ ذاك يحتوي الماء وهذا يحتويه ويبدي جماله للعين.
وا أسفاه، هذه هي الحقيقة: إن دقة الفهم للحياة تفسدها على صاحبها كدقة الفهم للحب، وإن العقل الصغير في فهمه للحب والحياة، هو العقل الكامل في التذاذه بهما. وا أسفاه، هذه هي الحقيقة!
في هذه الأيام الطبيعية التي يجعلها المصيف أيام سرور ونسيان، يشعر كل إنسان أنه يستطيع أن يقول للدنيا كلمة هزل ودعابة.
من لم يُرزق الفكر العاشق لم ير أشياء الطبيعة إلا في أسمائها وشياتها، دون حقائقها ومعانيها، كالرجل إذا لم يعشق رأى النساء كلهن سواء، فإذا عشق رأى فيهن نساء غير من عرف، وأصبحن عنده أدلة على صفات الجمال الذي في قلبه.
تقوم دنيا الرزق بما تحتاجه الحياة، أما دنيا المصيف فقائمة بما تلذه الحياة، وهذا هو الذي يغير الطبيعة ويجعل الجو نفسه هناك جو مائدة ظرفاء وظريفات.
تعمل أيام المصيف بعد انقضائها عملًا كبيرًا، هو إدخال بعض الشعر في حقائق الحياة.