responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وحي القلم المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 169
المخدع، ولكل حالة تلبس المرأة لبسًا فتخفي منها وتبدي. وتحريك البيئة لتتقلب هو بعينه تحريك النفس لتتغير صفاتها. وأين أخلاق الثياب العصرية في امرأة اليوم, من تلك الأخلاق التي كانت لها من الحجاب؟ تبدلت بمشاعر الطاعة، والصبر، والاستقرار، والعناية بالنسل، والتفرغ لإسعاد أهلها وذويها, مشاعر أخرى، أولها كراهية الدار والطاعة والنسل؛ وحسبك من شرٍّ هذا أولُه وأخفُّه!
كان قاسم كالمخدوع المغترّ بآرائه، وكان مصلحًا فيه روح القاضي، والقاضي بحكم عمله مقلد متبع، أليس عليه أن يسند رأيه دائمًا إلى نص لم يكن له فيه شأن ولا عمل؟ من ثَمَّ كثرت أغلاط الرجل حتى جعل الفرق بين فساد الجاهلة وفساد المتعلمة، أن الأولى "لا تكلف نفسها عناء البحث عن صفات الرجل الذي تريد أن تقدم له أفضل شيء لديها، هو نفسها، وعلى خلاف ذلك يكون النساء المتعلمات، إذا جرى القدر عليهن بأمر مما لا يحل لهن، لم يكن ذلك إلا بعد محبة شديدة يسبقها علم تام بأحوال المحبوب " ... " وشمائله وصفاته، فتختاره من بين مئات وألوف ممن تراهم في كل وقت "!!!! " وهي تحاذر أن تضع ثقتها في شخص لا يكون أهلًا لها، ولا تسلم نفسها إلا بعد مناضلة يختلف زمنها وقوة الدفاع فيها حسب الأمزجة "؟؟؟؟ " وهي في كل حال تستتر بظاهر من التعفف "؟؟؟؟ "[1].
أليس هذا كلام قاضٍ من القضاة المدنيين المتفلسفين على مذهب "لمبروزو" يقول لإحدى الفاجرتين: أيتها الجاهلة الحمقاء، كيف لم تتحاشي ولم تتستري فلا يكون للقانون عليك سبيل؟
وحتى في هذا قد أثبت قاسم أنه لا يعرف الأرنب وأذنيها[2] وإلا فمتى كان في الحب اختيار، ومتى كان الاختيار يقع "فيما يجري به القدر" ومتى كان نظر العاشقة إلى الرجال نظرًا سيكولوجيًّا كنظر المعلمة إلى صبيانها, فتدرس الصفات والشمائل في مئات وألوف ممن تراهم في كل وقت لتصفيها كلها في واحد تختاره من بينهم؟ هذا مضحك! هذا مضحك!
إليك خبرًا واحدًا مما تنشره الصحف في هذه الأيام: كفرار بنت فلان باشا خريجة مدرسة كذا مع سائق سيارتها؛ ففسِّرْ لي أنت كلام قاسم، وأفهمني كيف

[1] ص51 من كتاب "تحرير المرأة"، وهو كلام قاسم بنصه، وأكثر ما في هذا الكتاب هو في رأينا خلط وخبط.
[2] يقول العرب: "فلان يعرف الأرنب وأذنيها" أي: يعرف الشيء بالعلامة التي تثبته ولا تتخلف.
اسم الکتاب : وحي القلم المؤلف : الرافعي ، مصطفى صادق    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست