responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقامات الحريري المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 411
لنتخِذَهُمْ سُلّماً الى الارتِقاء. وأرشِيَةً للاستِقاء. فألْفَيْنا كلاً منهُمْ كَئيباً حَسيراً. حتى خِلْناهُ كسيراً أو أسيراً. فقُلْنا: أيتُها الغِلْمَةُ. ما هَذي الغُمّةُ؟ فلمْ يُجيبوا النّداء. ولا فاهوا ببَيْضاء ولا سَوْداء. فلمّا رأيْنا نارَهُمْ نارَ الحُباحِبِ. وخُبرَهُمْ كسَرابِ
السّباسِبِ. قُلْنا: شاهَتِ الوجوهُ. وقبُحَ اللُّكَعُ ومَنْ يرْجوهُ! فابتَدَرَ خادِمٌ قد علَتْهُ كَبْرَةٌ. وعرَتْهُ عبْرَةٌ. وقال: يا قوْمُ لا توسِعونا سَبّاً. ولا توجِعونا عتْباً. فإنّا لَفي حُزنٍ شامِلٍ. وشُغْلٍ عنِ الحديثِ شاغِلٍ. فقالَ لهُ أبو زيدٍ: نفِّسْ خِناقَ البَثّ. وانْفِثْ إنْ قدَرْتَ على النّفْثِ. فإنّكَ ستجِدُ مني عَرّافاً كافِياً. ووَصّافاً شافِياً. فقالَ لهُ: اعْلَمْ أنّ ربّ هذا القصْرِ هوَ قُطْبُ هذِهِ البُقعَةِ. وشاهُ هذِهِ الرُقعَةِ. إلا أنّهُ لمْ يخْلُ منْ كمَدٍ. لخُلوّهِ من ولَدٍ. ولمْ يزَلْ يستَكْرِمُ المَغارِسَ. ويتخيّرُ منَ المَفارِشِ النّفائِسِ. الى أن بُشّرَ بحمْلِ عَقيلضةٍ. وآذَنَتْ رقْلَتُهُ بفَسيلَةٍ. فنُدِرَتْ له النّذورُ. وأُحصِيَتِ الأيامُ والشّهورُ. ولمّا حانَ النِّتاجُ. وصيغَ الطّوقُ والتّاجُ. عسُرَ مخاضُ الوضْعِ. حتى خِيفَ على الأصْلِ والفَرْعِ. فما فِينا مَنْ يعرِفُ قَراراً. ولا يطْعَمُ النّومَ إلا غِراراً. ثمّ أجْهَشَ بالبُكاء وأعْولَ. وردّدَ الاستِرْجاعَ وطوّلَ. فقال لهُ أبو زيدٍ: اسْكُنْ يا هَذا واستَبْشِرْ. وابْشِرْ بالفَرَجِ وبشّرْ! فعِندي عَزيمةُ الطّلْقِ. التي انتشَرَ سَمْعُها في الخَلْقِ. فتبادَرَتِ الغِلمَةُ الى موْلاهُمْ. مُتباشِرينَ بانكِشافِ بلْواهُمْ. فلمْ يكُنْ إلا كَلا ولا حتى برزَ مَنْ هلْمَمَ بِنا إلَيْهِ. فلما دخلْنا عليْهِ. ومثَلْنا بينَ يدَيْهِ. قال لأبي زيدٍ: ليَهْنِكَ مَنالُكَ. إنْ صدَقَ مقالُكَ. ولم يفِلْ فالُكَ. فاستَحضرَ قلَماً مبْرِيّاً. وزبَداً بحرِيّاً. وزَعفَراناً قد دِيفَ. في ماء ورْدٍ نظيفٍ. فما إنْ رجَعَ النفَسُ. حتى أُحضِرَ ما التَمَسَ. فسجَدَ أبو زيدٍ وعفّرَ. وسبّحَ واستَغْفرَ. وأبْعَدَ الحاضِرينَ ونفّرَ. ثمّ أخذَ القلمَ واسْحَنْفَرَ. وكتبَ على الزّبَدِ بالمُزَعْفَرِ: سّباسِبِ. قُلْنا: شاهَتِ الوجوهُ. وقبُحَ اللُّكَعُ ومَنْ يرْجوهُ! فابتَدَرَ خادِمٌ قد علَتْهُ كَبْرَةٌ. وعرَتْهُ عبْرَةٌ. وقال: يا قوْمُ لا توسِعونا سَبّاً. ولا توجِعونا عتْباً. فإنّا لَفي حُزنٍ شامِلٍ. وشُغْلٍ عنِ الحديثِ شاغِلٍ. فقالَ لهُ أبو زيدٍ: نفِّسْ خِناقَ البَثّ. وانْفِثْ إنْ قدَرْتَ على النّفْثِ. فإنّكَ ستجِدُ مني عَرّافاً كافِياً. ووَصّافاً شافِياً. فقالَ لهُ:

اسم الکتاب : مقامات الحريري المؤلف : الحريري    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست