responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السكاكي    الجزء : 1  صفحة : 347
فإن تشبيه الحسود المتروك مقاولته بالنار التي لا تمد بالحطب فيسرع فيها الفناء ليس إلا في أمر متوهم له وهو ما تتوهم إذا لم تأخذ معه في المقاولة مع علمك بتطلبه إياها عسى أن يتوصل بها على نفثة مصدور من قيامه إذ ذاك مقام أن تمنعه ما يمد حياته ليسرع فيه الهلاك وأنه كما ترى منتزع من عدة أمور، وكالذي في قوله:
وإن من أدبته في الصبا ... كالعود يسقي الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا ... بعد الذي أبصرت من يبسه
فإن تشبيه المؤدب في صباه بالعود المسقي أو أن الغرس المونق بأوراقه ونضرته ليس إلا فيما يلازم كونه مهذب الأخلاق مرضي السيرة حميد الفعال لتأدية المطلوب بسبب التأديب المصادف وقته من تمام الميل إليه وكمال استحسان حاله وأنه كما ترى أمر تصوري لا صفة حقيقية وهو مع ذلك منتزع من عدة أمور كالذي من قوله عز من قائل " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون " فإن وجه تشبيه المنافقين بالذين شبهوا بهم في الآية هو رفع الطمع على تسني مطلوب بسبب مباشرة أسبابه القريبة مع تعقب الحرمان والخيبة لانقلاب الأسباب وأنه أمر توهمي كما ترى منتزع من أمور جمة وكالذي في قوله تعالى أيضا " أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " وأصل النظم أو كمثل ذوي صيب فحذف ذوي لدلالة يجعلون أصابعهم في آذانهم عليه وحذف مثل لما دل عليه عطفه على قوله كمثل الذي استوقد نارا إذ لا يخفى أن التشبيه ليس بين مثل المستوقدين وهو صفتهم العجيبة

اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السكاكي    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست