responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 377
يقول: إن الملوك البيض يتمنون أن يستبدلوا ألوانهم بلونه، ليراهم الأبطال الذين هم أهل الحروب بالعيون التي رأوا بها كافوراً في الحرب. والأعيان: جمع عين في القلة.
يا رجاء العيون في كلّ أرضٍ ... لم يكن غير أن أراك رجائي
يقول: كل أحد يرجو أن يراك؛ لتفيض عليه إنعامك، ولم يكن لي رجاء في قصدي مصر سوى أن أراك وأتشرف بمدحك.
ولقد أفنت المفاوز خيلي ... قبل أن نلتقي، وزادي ومائي
يقول: قطعت المسافة البعيدة، والمفاوز الصعبة: لرؤيتك، حتى أفنت المفاوز خيلي وزادي ومائي.
فارم بي ما أردت منّي فإنّي ... أسد القلب آدميّ الرّواء
الرواء: المنظر.
يقول: كلفني ما شئت من الأمور العظيمة، فإني وإن كنت في المنظر آدمياً فإن قلبي قلب الأسد.
وفؤادي من الملوك وإن كا ... ن لساني يرى من الشعراء
يقول: إني وإن كنت شاعراً، فإن لي همة عاليةً، ونفسا شريفة، وقلبي قلب الملوك.
ولما أنشده أبو الطيب، حلف له كافور ليبلغنه جميع ما في نفسه، وإنه لأكذب ما يكون إذا حلف! فقال أبو الطيب وأنشده إياها في انسلاخ شهر رمضان سنة ست وأربعين وثلاث مئة:
من الجآذر في زيّ الأعاريب ... حمر الحلي والمطايا والجلابيب؟!
الجآذر: جمع جوذر، وهو ولد البقرة الوحشية. والزي: اللباس والأعاريب: جمع الأعراب، والأعراب: جمع أعرابي. والحلي: جمع حلية. وهو بضم الحاء وكسرها. والجلابيب: جمع جلباب، وهي الملاحف والملابس. وقال أبو عبيدة: الجلابيب هي الخمر، والملاحف.
وقد روى: برفع الراء ونصبها، فالرفع على الاستئناف أي: هن حمر الحلي. والنصب على الحال. جعل كونهن جآذر حقيقة، وكونهن أعاريب مجازاً وتشبيها، وهذا على عادته في قلب التشبيه.
يقول: من هذه الجآذر التي في زي الأعراب؟! جعلهن جآذر؛ لسواد عينهن. وهن حمر الحلي؛ لأنها من الياقوت، وملابسهن حمر لأنهن غنيات شواب، يلبسن المعصفرات وثياب الملوك، ومطاياهن حمر؛ لأنها كرام الإبل عندهم، وهي من مراكب الملوك.
إن كنت تسأل شكّاً في معارفها ... فمن بلاك بتسهيد وتعذيب؟!
أنكر على نفسه في هذا، السؤال! وقال: إن كنت تسأل عن هؤلاء النساء من حيث أنك شككت فيهن، حيث أشبهن الجآذر، فلا ينبغي لك أن تشك في معرفتهن، لأنهن اللاتي سهدن عينيك، وعذبن قلبك، ومن في قوله: فمن بلاك على هذا تكون خبراً، ويجوز أن تكون استفهاماً على معنى الإنكار.
والمعنى: إن لم تعرفهن فمن الذي بلاك بتسهيد وتعذيب؟!
لا تجزني بضنىً بي بعدها بقرٌ ... تجزي دموعي مسكوباً بمسكوب
الضنى: الألم، ولا تجزني: جزم، والهاء في بعدها قيل: ضمير البقر، أي: بعد فراقهن، وقيل: هو ضمير الحالة أو المرأة. أي: بعد هذه المرأة أو الحالة. وتقديره: لا تجزني بضني بي ضني نساءٍ يجزينني بالبكاء بكاء. على سبيل الدعا لهن: أي لا مرضن كما مرضت.
والمعنى: أنه دعاء لهن بألا يضنين بفراقه، كما ضنى بفراقهن.
وقوله: تجزي دموعي صفة البقر. يعني: هذه البقرة التي جازتني بالبكاء، فجرت دموعهن لفراقي، كما جرى دمعي.
وقيل: معناه قد أضناني حب هؤلاء، حتى تغيرت محاسني، وقرب شيبي، فلا تجزني بعدهن بفرقتي، لأني قد شبت وبليت، فلم يبق لي موضع لعشق النساء كما عشقتهن، فيجزينني ضني بضني، وتقابلن بكاء ببكاء، رحمة لي لا عشقاً. فيكون البقر غير التي جرى ذكرها.
سوائرٌ ربّما سارت هوادجها ... منيعةً بين مطعونٍ ومضروب
سوائر: صفة أخرى لبقر، وقيل: وهن سوائر. ومنيعةً: نصب على الحال. يعني: أنهن عزيزات في قوم أعزة، فإذا سارت هودجهن بهن، كان حولهن من يذب عنهن ويحميهن من كل من تعرض لهن، فلا مطمع لأحد فيهن.
وربّما وخدت أيدي المطّى بها ... على نجيعٍ من الفرسان مصبوب
الوخد والوخيد: ضرب من السير السريع.
يقول: ربما سارت هوادجهن فوق الدماء، فتقع أيدي المطى على دماء الفرسان المصبوبة، إن تعرضوا لهن.
وإنما ذكر الأيدي دون الأرجل؛ لأنها أول ما تقع على الأرض، فاكتفى بذكرها عن ذكر الأرجل.
كم زورةٍ لك في الأعراب خافيةٍ ... أدهى وقد رقدوا من زورة الذّيب

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست