يقول: لا تلمني على الوقوف بهذه الأطلال؛ فإني أعشق العشاق؛ وإن كنت أعذل العذال. وفيها: متعلق بقوله: لا تلمني وإن شئت بقوله لا تلمني بالعذال. أو بقوله: فإني أعشق العشاق فيها.
ما تريد النوى من الحية الذوا ... ق حر الفلا وبرد الظلال؟
يقول: أي شيء تريد النوى مني؟ وأنا كالحية الذواق، قد تعودت قطع الفلا، وقاسيت حرها وبرد ظلالها. يعني: أني لا أبالي بالنوى؛ لتعودي الأسفار.
فهو أمضى في الروع من ملك المو ... ت وأسرى في ظلمةٍ من خيال
يقول: هذه الحية الذواق يعني: نفسه أمضى في الحرب وأكثر إتلافاً للنفوس من ملك الموت، وأسرى في ظلمة الليل من الخيال، فلا ترده الظلمات.
ولحتفٍ في العز يدنو محبٌّ ... ولعمر يطول في الذل قال
تقديره: هو محب لحتفٍ يدنو في العز. وهو قالٍ لعمرٍ يطول في الذل.
يعني: أنه يحب العز؛ وإن كان مع الحتف، ويبغض العمر؛ وإن كان مع الذل.
نحن ركبٌ ملجن في زي ناسٍ ... فوق طيرٍ لها شخوص الجمال
قوله: ملجن أي من الجن. فحذف النون؛ لسكونها وسكون اللام من الجن.
يقول: نحن ركب نشبه الجن في أفعالها للزومنا المفاوز، وإن كنا في صورة الإنس، ورواحلنا تشبه الطير؛ لسرعة سيرها، وإن كانت في صورة الجمال.
من بنات الجديل تمشي بنا في البي ... د مشي الأيام في الآجال
الجديل: فحل كريم تنسب إليه كرائم الإبل. وهي تمشي بنا في الفلوات، وتفنيها شيئاً فشيئاً، كما تمشي الأيام في الآجال فتفنيها جزءًا فجزءًا.
كل هوجاء للدياميم فيها ... أثر النار في سليط الذبال
الهوجاء: في الأصل المجنونة، وهي ها هنا: الناقة التي ترمي بنفسها في المسير، من النشاط كأنها هوجاء، ولا يوصف الذكر بها. فلا يقال: بعير أهوج. والدياميم: جمع ديمومة وهي الفلاة. والسليط: قيل: هو السراج. وقيل: هو دهن الزيت. والذبال: جمع ذبالة، وهي الفتيلة.
يقول: كل واحد من هذه الرواحل هوجاء، قد أثر المفاوز فيها وأهزلها وأخذ لحمها؛ كما تأخذ النار دهن الفتيلة وتفنيه.
عامداتٍ للبدر والبحر والضر ... غامة ابن المبارك المفضال
يجوز في عامداتٍ الجر: على البدل من هوجاء. والرفع: على إضمار المبتدأ. والنصب: على الحال. والعامل، ما في الجملة من قوله: للدياميم فيها. أي بمنزله الدياميم عامدات.
يقول: إن هذه الرواحل يقصدون ابن المبارك، الذي هو كالبدر جمالاًن وكالبحر سخاءً، وكالأسد شجاعة وإقداماً، وهو كثير الفضل غزير الإحسان.
من يزره يزر سليمان في المل ... لك جلالاً ويوسفاً في الجمال
وربيعاً يضاحك الغيث فيه ... زهر الشكر في رياض المعالي
جلالاً: نصب على التمييز. وربيعاً: عطف على قوله: يزر سليمان فكأنه قال: ويزر ربيعاً. وجعله ربيعاً؛ لانتفاع الناس فيه وبسببه وعطائه، ولما جعله ربيعاً، جعل رياضه المعالي، وزهرها الشكر والثناء، يعني أنه ربيع يسقي رياض المعالي، الغيث جوده، وزهر تلك الرياض الشكر. ويجوز أن يكون أراد شكر الناس. فشبه جوده بالغيث، وشكرهم بالزهر ومعاليه بالرياض.
نفحتنا منه الصبا بنسيم ... رد روحاً في ميت الآمال
نفحتنا: أي هبت علينا دفعة بعد دفعة. والنسيم: الريح اللينة في هبوبها.
يقول: كانت أمالنا منقطعة عن الناس لبخلهم، فهبت الصبا علينا، بنسيم هذا الربيع، ورد الروح في آمالنا الميتة وأحيتها بعد موتها. وأراد بالنسيم: إشاعة جوده واشتهار كرمه.
هم عبد الرحمن نفع الموالي ... وبوار الأعداء والأموال
يقول: همه مقصور على الإحسان إلى الأولياء، وإهلاك الأموال والأعداء في وجوه البر، واقتناء الحمد والمجد والذخر، ولا يشتغل بغير ذلك من اللهو وجمع الأموال.
أكبر العيب عنده البخل والطع ... ن عليه التشبيه بالرئبال
الرئبال: الأسد.
يقول: إن أكبر العيب عنده البخل، لفرط جوده، وهو شجاع، فإن شبهته بالأسد فقد طعنت فيه؛ لأنه أشجع من الأسد. ويجوز أن يريد: أن من أراد أن يطعن عليه، يمكنه ألا يشبهه بالأسد. وهذا ليس بطعن في الحقيقة.
والجراحات عنده نغماتٌ ... سبقت قبل سيبه بسؤال