responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 281
قال المسعودي: وربما بلغ الناب منه مائة وخمسين منا وأكثر من ذلك والفيل يحمل بهما على الجدار الوثيق البنيان فيقلبه على الأرض وقد فتح به محمود بن سبكتكين مدينة الطاق وهي من أعظم الحصون التي ببلاد سجستان فإنه جعل نابيه تحت بابيها فأقلعه وهو ومن أسرع الحيوان الوحشى أنسا بالناس وسرعة الأنس دليل على حسن الطباع ودماثة الأخلاق وخرطومه من غضروف أنفه وهو يده التي يوصل بها الطعام إلى فيه ويقاتل بها وبها يصيح وليس صياحه على مقدار جثته لأنه كصياح الديك يتنزل منه منزلة عنقه وله فيه من القوة بحيث يقلع به الشجر من منابتها وفي طبعه أنه إذا سمع صوت الخنزير ارتاع ونفر واعتراه الفزع والجزع وإذا ورد الغدران والأنهار للشرب وكان الماء صافياً فهو أبداً يثيره ويكدره كالخيل لأنها ترى صورها على سطح الماء فتتوهم أنه غيرها فتنفر منه وهو قليل الاحتمال للشتاء والبرد ويقوم ويسير في الماء منغمساً ما عدا خرطومه لأنه منه يتنفس ولايقدر على السباحة لثقل جثته وفيه الفهم ما به يقبل التأديب ويفعل ما يأمره سائسه من السجود للملوك وغير ذلك من الخير والشر في حالتي السلم والحرب وفيه من الأخلاق أنه يقاتل بعضه بعضاً قتالاً شديداً والمقهور منها يخضع ويتعبد للقاهر ويخاف سطوته ويقال: إنه يصاد باللهو والطرب واللعب والزينة وريح الطيب والنساء يصيدونه بذلك وربما احتيل على صيده بأن يترقب حال سكونه وهدّوه وذلك أنه لا ينام إلا متعمدا على ساق شجرة إذ لا يمكنه الاضجاع لكون قوائمه لا فواصل لها لكنها كالأساطين المصمتة والسوارى الوثيقة والصيادون يأتون الشجرة التي غالب أوقاته يعتمد عليها فيضعفون أصلها فإذا أتى على عاداته إليها ليعتمد عليها انكسرت فسقط وبقى عاجزا لا يقدر لنفسه بشيء فيصدونه كيف شاءوا، والهند تعظم الفيل وتشرفه لما اجتمع فيه من الخصال المحمودة من علو سمكه وعظم صورته وبديع منظره وطول خرطومه وسعة أذنه وطول عموده وثقل حمله وخفة وطئه، فإنه ربما مر بالإنسان وهو لا يشعر به لحسن خطوته واستقامته وللهند طيب يجمعونه من جباه الفيلة ورؤسها فإنه إذا غتلمت عرقت هذه الأماكن عرقا كأنه المسك ويستعملونه لظهور الشبق في الرجال والنساء ويزعمون أنه يشجع القلب ويقوى النفس ويبعثها على الأقدام والفيل يشب إلى تمام ستين سنة ويعمر مائتي سنة وأكثر وحكى ارسطو أن فيلا ظهر عمره أربعمائة سنة.
وحكى بعض المؤرخين أن فيلا سجد لابرويز ثم سجد للمعتضد وبينها زمان ذكره ارسطو واعتبر ذلك بالوسم وهذا الحيوان يعتريه من لاأمراض وجع المفاصل لطول قيامه وثقل جثته لأنه لا يضطجع.
الوصف والتشبيه، وقال عبد الكريم البهشلى:
وأضخم هندى النجاد تعده ... ملوك بنى ساسان إن نابها دهر
يجئ كطود جائل فوق أربع ... مصيره يلب كما يلب الصخر
له فخذان كالشئين لبد ... وصدر كما أوفى الهضبة الصدر
ووجه به أنف كرا وورق خمرة ... ينال ما يدرك الانمل العشر
وجنبان لا يروى القليب صداهما ... ولو أنه بالباع منهرب حفر
وأذن كنصف الرد يسمعه الندا ... خفيا وطرف ينقص الغب مزور
ونابان شقا لا يريد سواهما ... قيامين سمراوين لمعهما تبر
له لون ما بين الصباح وليله ... إذ نطق العصفور أو صوت الصقر
صلاح الدين الصفدى رحمة الله ملغزا:
أيما اسم تركيبه من ثلاث ... وهو ذو أربع تعالى الإله
حيوان والقلب منه نبات ... لم يكن عند جوعه يرعاه
فيك تصحيفه ولكن إذا ما ... رمت عكسا يكون في ثلثاه
وقد جعل الله في طبع الفيل الهرب والوحشة من النسور وإذا احتملت المرأة من نجوها مع العسل لم تحبل أبدا وكذلك إذا علق على شجرة لم تحمل تلك السنة.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست