responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 107
وقال أبو بكر الخوارزمي في مدحهم ما ظنك بقوم الاقتصاد محمود إلا منهم والكذب مذموم إلا فيهم ذموا أثبتوا وإذا مدحوا سلبوا وإذا رضوا رفعوا الوضيع وإذا غضبوا وضعوا الرفيع وإذا افتروا على أنفسهم بالكبائر لم يلزمهم حد ولم تمتد إليهم يد غنيهم لا يصادر وفقيرهم لا يحقر وشيخهم يوقر وشابهم لا يستصغر وسهامهم تنفذ في الأعراض إذا بثت سهامهم عند الأعراض وشهادتهم مقبولة وإن لم ينطق بها سجل ولم يشهد عليها عدل سرقتهم مغفورة وإن جاوزت ربع دينار وبلغت ألف قنطار إن باعوا المغشوش لم يرد عليهم وإن صادروا الصديق لم يستوحش منهم بل ما ظنك بقوم اسمهم ناطق بالفضل واسم صناعتهم مشتق من العقل هم أمراء الكلام يقصرون طويله ويقصرون مديده ويخففون ثقيله.
وقال الحسن بن سهل: لا تكسد صناعة الشعر إلا في شر زمان وأخس سلطان.
ومن حيلهم اللطيفة ما ذكره أبو الفتح كشاجم في كتابه المصائد والمطارد وهو إن بعض الملوك كان كثير الاشتغال بالصيد منهمكا فيه وكان بعض الشعراء قصده فتعذر ما أمله وحال بينه وبينه الحجاب لكثرة الفه بالصيد فعمد الشاعر إلى رقاع لطاف وكتب فيها ما قاله من الشعر في مديحه وصاد عنده من الظبا والأرانب والثعالب وشد تلك الرقاع في أذناب بعضها وآذان بعض وراعي خروجه إلى الصيد فلما خرج كمن له في مظانه ثم أطلقها فلما ظفر بها ورأى تلك الرقاع استبشر وزاد في استظراف الرجل واستلطفه وزاد في رعي ذمامه وأمر بطلبه فأحضر ونال منه خيراً كثيراً.
وقريب منها: سأل فخر الملك وزير بني بويه حاجة وأمله فلم يعطه شيئاً فمضى الرجل إلى القاضي واستدعى على بن نباتة الشاعر فلما جاءه الرسول قال والله ما لأحد على دين ولا بيني وبين أحد معاملة ولا محاكمة فمن خصمي أحضره حتى أرضيه فلما جاء الرجل قال ما حقك حتى أوفيك قال له أنت قلت في شعرك حيث مدحت فخر الملك بقولك:
لكل فتى فرين حين يسمو ... وفخر الملك ليس له قرين
أنخ بجنابه وأنزل عليه ... على حكم الرجا وأنا الضمين
فأنت قد ضمت لي ونزلت عليه فلم يفعل والضمين غارم فما أعطاني شيئاً فقال أمهلني حتى أصل إليه فلما دخل على فخر الملك أخبره بالقصة فقال له وكم أملت منه فقال مائة دينار فقال ادفعوها إليه ثم قال لابن نباتة إذا مدحتني فلا تضمن عني (توفي ابن نباتة المذكور سنة خمس وأربعمائة، ومولده سنة سبع وعشرين وثلاثمائة) وقال فخر الترك أيضمر المجنوي يمدح السلطان الملك الصالح أيوب ابن السلطان الملك الكامل محمد بن الملك العادل تغمدهم الله برحمته ويذكر بنيانه للجزيرة المسماة بالروضة وجلوسه بالقياس وأولها:
الروض مقتبل الشبيبة مؤنق ... خضل يكاد عصاره يتدفق
وقد ذكرت أوائلها في باب الروضات والبساتين ثم ذكرت منها الخمريات إلى مبتدأ هذه الأبيات:
إيه مديحي لانفصال قصيدة ... يوم الرهان ولا محولك ضيق
هذا مقام الملك حيث تقول ما ... تهوي وتطيب كيف شئت فتصدق
في حيث لأشرف الصفات بمعوذ ... فيه ولا باب المدايح مغلق
ملك يلوذ الدين منه بمعقل ... أسس سطاه سورة والخندق
لو أن سر الملك فيه محنف ... قامت شمائله عليه تنطق
هدأت بسيرته الرعية واغتدى ... قلب الحسود من المهابة يخفق
فالدين بعد تفرق متجمع ... والكفر بعد تجمع متفرق
الصالح الملك الذي آياته ... عقد به جيد الزمان مطوق
عرق الرعية بمن دولتاه التي ... فيهم تأكد عهدها والموثق
جمعت كما اقترح الرجاء إلى الغنى ... أمنا فقد رزقوا الذي لم يرزقوا
فالله نحمد ثم أيوب الذي ... أمن الغني به وأثري المملق
تظل بهم عداته بسنائه ... عشقا وقد الرمح مما يعشق
فبضمه ضم الحبيب قلوبها ... يوم الوغى وهو العدو والأزرق
آيات ملكك معجزات كلها ... ومدى اهتمامك غاية لا يلحق
شيدت أبنية تركت حديثها ... مثلا يغرب ذكره ويشرق
من كل شاهقة تطل تعجبا ... من هول مطلعها الكواكب تسهق
ليس الرخام ملونا فكأنه ... روض يفوقه الربيع المغدق
واحتال في الذهب الصقيل شغوفه ... فكأنه شفق الأصيل المشرق
يا حسنها والنيل مكتنف بها ... كالسطر مشتمل عليه مهرق

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست