اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 59
الفصل الثاني: موضوعات الكتابة وأدواتها موضوعات الكتابة في الجاهلية:
-1-
وصلنا -بعد الذي قدمنا من شواهد وأدلة- إلى مفصل من الأمر نطمئن عنده إلى أن الكتابة كانت شائعة عند عرب الجاهلية شيوعًا يكفى لأن ينفي عنهم ما ألحقه بهم تاريخنا الأدبي من وصمة الجهل والأمية. ولعلنا في غنى عن أن نقرر أننا -في حكمنا هذا بشيوع الكتابة في الجاهلية- لا نملك الوسيلة التي تحدد لنا مدى هذه الوسيلة عند سائر الأمم التي سبقت عرب الجاهلية أو عاصرتهم أو تلتهم. فعلم الإحصاء علم حديث النشأة لم نعرفه إلا في عصرنا الحديث، وبغيره لا سبيل إلى القطع الجازم في مدى شيوع الكتابة عند أية أمة من الأمم الأرض[1]. وحكمنا على عرب الجاهلية لا يختلف عن حكمنا عن الإغريق أو [1] لقد أدرك الباحثون في هذا الضرب من الموضوعات كثرة العقبات التي تعترض سبيلهم فيقول بول مونرو
the educational renaissance of the sixteenth century في مقدمة كتابه paul Monroe
"إنه لمن الشاق العسير أن يحاول الإنسان أن يحصل على معلومات دقيقة عن النشاط التعليمي في العهود الماضية وبخاصة ما يتعلق بتفاصيل عن الحياة المدرسية". وقد أورد الدكتور أحمد شلبي هذا القول في كتابه "تاريخ التربية الإسلامية" "ط. دار الكشاف 1954 ص1" ثم عقب عليه بقوله: "وقد لمست أن ما قرره بول مونرو عن صعوبة الحصول على هذه المادة فيما يتعلق بالتعليم في أوربا، ينطبق تمام الانطباق على النظم التعليمية عند المسلمين".
فإذ كانت هذه الصعوبة قائمة عند المسلمين بعد أن كثر العلم وشاعت الكتابة وانتشرت المدارس، وإذا كانت كذلك قائمة عند الأوربيين، فما أحرى أن تكون قائمة عند دراستنا لهذا الموضوع في العصر الجاهلي.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 59