اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 581
قوله[1]: "وعمل الأصمعي قطعة كبيرة من أشعار العرب ليست بالمرضية عند العلماء لقلة غريبها واختصار روايتها". وفي هذا الحكم -الذي انفرد بذكره ابن النديم- إشكالان يبدو أنه لا سبيل إلى حلهما حلًّا قاطعًا يقينيًّا. الأول: ما الذي يقصده ابن النديم بهذه القطعة الكبيرة من أشعار العرب؟ أهي القصائد التي اختارها الأصمعي فنسبت إليه وسميت الأصمعيات؟ أم هي جميع الدواوين الشعرية التي عملها الأصمعي؟ ولقد كان من الجائز أن يكون المقصود بها الأصمعيات -كما ذهب إلى ذلك ليل[2]- لولا أمران، الأول: أنه وصفها بأنها "قطعة كبيرة" والأصمعيات ليست كذلك، أو على الأقل ما بين أيدينا منها ليس كذلك، والمفضليات أكبر منها كثيرًا[3].
أما الدواوين التي عملها الأصمعي فهي "قطعة كبيرة" حقًّا. ثم إن ابن النديم يستخدم أحيانًا لفظة "القطعة" من الأشعار ويقصد بها دواوين الشعر، فمن ذلك قوله عن السكري إنه عمل "قطعة من القبائل"[4]. والأمر الثاني الذي يجعلنا نشك في أنه يريد بقوله هذا الأصمعيات هو أنه ذكره في آخر حديثه عن الأصمعي، بعد أن ذكر أسماء كتبه في اللغة والحديث، ولم يذكر له مما عمله من الشعر إلا كتاب "القصائد الست! "[5]، فلعله أغفل ذكر الدواوين التي عملها الأصمعي ليجملها في هذا اللفظ العام "قطعة كبيرة من أشعار العرب".
هذا هو الإشكال الأول في نص ابن النديم، أما الإشكال الثاني ففي قوله "واختصار روايتها". ونحن نرى أن "الرواية" هنا قد تعني أحد أمرين: إما إسناد الرواية، وإما الشعر المروي نفسه. فإذا كان المقصود: الإسناد، فله وجهان أيضًا: [1] الفهرست: 83. [2] مقدمة المفضليات 2: 16. [3] الأصمعيات 92 قصيدة فيها 1439 بيتًا، والمفضليات: 130 قصيدة فيها 2664 بيتًا. [4] الفهرست: 117. [5] المصدر السابق: 82.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 581