اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 536
بعدهما بالأصمعي، وسائر علماء البصرة والكوفة. فقد ذكر السكري[1] أن ديواني زهير وكعب كانا عند بني غطفان، فكانوا يحفظون شعرهما، وذلك لأن زهيرًا وابنه كعبًا كانا مقيمين في بني عبد الله بن غطفان. وكان عمر بن الخطاب يقدم زهيرًا ويفضله، وقد حكم على شعره حكمًا يدل على معرفة به ودراسة له، قال[2]: "كان لا يعاظل بين الكلام، ولا يتتبع حوشيه، ولا يمدح الرجل إلا بما فيه". وكان يحب أن يسمع شعره واستنشد ليلةً ابن عباس شعر زهير فأنشده حتى برق الفجر[3]؛ وكان جرير أيضًا يقدم زهيرًا ويفضله وقال عنه إنه أشعر الجاهلية[4]. ولا تعنينا هذه الأحكام إلا من حيث دلالتها على معرفة القوم آنذاك بشعر زهير معرفة تتيح لهم الحكم عليه.
وقد مر بنا كذلك أن الحطيئة كان راوية زهير، وأن الشعر اتصل في ابنه كعب بن زهير، وابن كعب: عقبة المضرب، وابن ابنه: العوام بن عقبة، حتى لقد قرأ أبو عمرو الشيباني شعر زهير أو بعضه على بعض بني زهير[5]، وحتى لقد روى التبريزي قصيدة كعب: "بانت سعاد" من طريق أحد أبنائه سندًا، وهو: الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن عقبة بن كعب بن زهير.
وكان ممن درس شعر زهير ودرسه منذ مطلع القرن الثاني: أبو عمرو بن العلاء؛ قال المازني[6]: "قال لي أبو زيد: قرأت هذه القصيدة -يعني معلقة زهير- على أبي عمرو بن العلاء، فقال لي: قرأت هذه القصيدة منذ خمسين. [1] أشار إلى ذلك كرنكر krenko في مقالته عن "استعمال الكتابة في حفظ الشعر العربي القديم" ص266، ولم يشر إلى مصدره، ولم نجد هذا النص فيما بين أيدينا من مصادر، فلعل كرنكر اطلع عليه في إحدى مخطوطات ديوان زهير أو كعب التي كانت بين يديه. [2] طبقات فحول الشعراء: 52. [3] الأغاني 10: 291. [4] المصدر السابق 10: 289. [5] مصورة معهد إحياء المخطوطات العربية فيلم رقم 822، في معرض الحديث عن البيت الأول من المعلقة، وانظر أيضًا الأغاني 10: 287. [6] التبريزي، شرح المعلقات: 126، وانظر كذلك شرح ديوان زهير لثعلب: 32.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 536