اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 510
أنكرها، وتلك الأبيات التي دفعها؛ وتعليل ذلك -فيما نرجح- أن ديوان امرئ القيس قد وصل مدونًا مكتوبًا إلى عصر الأصمعي، وأن الأصمعي -وغيره من الرواة العلماء- كانوا يقرءون هذا الديوان الذي وصلهم مدونًا، أو يقرؤه عليهم بعض تلاميذهم، فيضطرون إلى التعرض لكل قصيدة في ذلك الديوان بالنقد والتعليق: يدفعون من قصائده أو أبياته ما يشكون فيها، وقد ينسبونها إلى الشاعر الذي يرجحون أنه قالها، ويثبتون منها ما يطمئنون إلى صحته، ولكنهم مع ذلك يشرحون لتلاميذهم في مجالس علمهم جميع ما في ذلك الديوان من شعر صحيح ومنحول. ومن هنا وجدنا شرحًا للأصمعي على قصائد وأبيات أنكر نسبتها لامرئ القيس.
أما المفضل الضبي فيبدو كذلك أن روايته متصلة بالمدونات التي وصلت إليه من العصور السابقة، وسنفصل القول في ذلك حين نتحدث عن المفضليات في الفصل الثالث من هذا الباب؛ وسنجد هناك أن المفضل قد اختار قصائده من الدواوين المدونة، واستخرجها من الكتب التي كانت في مكتبته. وإن كان يعوزنا النص الصريح على ذلك في روايته لديوان امرئ القيس ذاته، إلا أننا نحمل هذا على ذاك.
طبيعة الروايتين ومنهجهما:
وكان من نتيجة ما قام به الأصمعي من نقد وتحقيق ونحل وتمحيص لما استقاه من شعر امرئ القيس من تلك المصادر الثلاثة أن جاءت روايته لديوانه في سبع وعشرين قصيدة ومقطعة فقط، وهي أقل الروايات التي عثرنا عليها كافةً. وتعليل ذلك في هذا المنهج الذي أخذ به البصريون عامةً أنفسهم ولا سيما الأصمعي. وهو منهج يقوم -كما قدمنا في غير هذا الفصل- على التضييق في المصادر التي يستقون منها، والتحري في الرواية التي يقبلونها. وأخذ الأصمعي نفسه -في حدود هذا المنهج- بأكثر مما أخذ به البصريون عامةً
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 510