اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 507
مصادر الروايتين:
فإذا كانت نسخ ديوان امرئ القيس المسندة تنتهي روايتها -كما رأينا- عند الأصمعي البصري، وعند المفضل الكوفي، فمن أين انحدرت إليهما قصائد هذا الديوان؟ وكيف وصلهما هذا الشعر الذي حُفظ لنا في روايتهما؟
أما الأصمعي فيبدو أن طريقنا إلى معرفة مصادره أوضح من طريقنا إلى معرفة مصادر المفضل؛ لأن الأصمعي قد نص على هذا الطريق وكشف لنا عن تلك المصادر، وذلك أن أبا حاتم قال[1]: "قال الأصمعي: كل شيء في أيدينا من شعر امرئ القيس فهو عن حماد الراوية، إلا نتفًا سمعتها من الأعراب وأبي عمرو بن العلاء". فقد استقى الأصمعي إذن شعر امرئ القيس من ثلاثة مصادر: حماد، وهو المصدر الأكبر، والأعراب، وأبي عمرو بن العلاء.
فإذا كان ذلك صحيحًا -وليس بين أيدينا ما يدفعه- فعلينا أن نقبله جملة كما هو، إذ من العسير أن نعرف القصائد التي استقاها من كل مصدر من هذه المصادر الثلاثة. ومع ذلك فقد بقيت لنا بعض الإشارات التي تؤيد هذا القول، وذلك أن الأصمعي يشير في روايته المحفوظة في نسخة الأعلم إلى أبي عمرو بن العلاء في موضعين، الأول: حين روى عنه قصيدة امرئ القيس التي مطلعها:
ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحرى وتدر
فقد ذكر الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء أخذ هذه القصيدة من ذي الرمة. والموضع الثاني: حينما روى عنه أيضًا خبر منازعة امرئ القيس والتوءم اليشكري وأنصاف أبياتهما. وفي نسخة الطوسي يشير الأصمعي أيضًا إلى أبي عمرو بن العلاء في معرض حديثه عن القصيدة التي نسبها المفضل الضبي وأبو عمرو الشيباني وغيرهما من الكوفيين إلى امرئ القيس ومطلعها:
أحار بن عمرو كأني خمر ... ويعدو على المرء ما يأتمر. [1] مراتب النحويين، ورقة 116-117، والمزهر 2: 406.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 507