responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 434
التنظيم مسائل شخصية جزئية يتسامحون فيها نفسها ولا يتسامحون في مثلها والقياس عليها حتى لا تكثر فتفسد القواعد والتنظيم، هذا إذا لم يتمكنوا من أن يؤولوا الشاذ تأويلًا يتفق وقواعدهم ولو بنوع تكلف. أما الكوفيون فلم يروا هذا المسلك، ورأوا أن يحترموا كل ما جاء عن العرب، ويجيزوا للناس أن يستعملوا استعمالهم، ولو كان الاستعمال لا ينطبق على القواعد العامة، بل يجعلون هذا الشذوذ أساسًا لوضع قاعدة عامة ... فهم أكثر تجويزًا للوجوه المختلفة في المسائل ... [1].
وكان من أثر هذا الخلاف في المنهجين أن تعصب كل فريق لمدرسته، وأخذ يتهم ويضعف علماء المدرسة الأخرى، وخاصة البصريين الذين كانوا يرون أنهم أخذوا اللغة عن العرب الخلص وأن الكوفيين أخذوها عن الأعراب الذين فسدت لغتهم وسيلقتهم. قال الرياشي-وهو بصري[2]-: "إنما أخذنا اللغة من حرشة الضباب وأكلة اليرابيع، وهؤلاء أخذوا اللغة من أهل السواد أكلة الكواميخ والشواريز". وافتخر البصريون بأنهم لم يأخذوا عن الكوفيين في هذا الميدان شيئًا، وأن الكوفيين هم الذين كانوا يأخذون عن البصريين، فقال أبو سعيد3:
"لا أعلم أحدًا من علماء البصريين في النحو واللغة أخذ عن أهل الكوفة شيئًا من علم العرب إلا أبا زيد فإنه روى عن المفضل الضبي.."، وقال أبو زيد4:
"قدم الكسائي البصرة فأخذ عن أبي عمرو ويونس وعيسى بن عمر علمًا كثيرًا صحيحًا، ثم خرج إلى بغداد فقد أعراب الحطمة فأخذ عنهم شيئًا فاسدًا فخلط هذا بذاك فأفسده ... ". وقال أبو الطيب اللغوي[5]: "وكذلك أهل الكوفة كلهم يأخذون عن البصريين ولكن أهل البصرة يمتنعون عنهم لأنهم لا يرون الأعراب الذين يحكون عنهم حجة". وربما كان من أوضح الأمثلة التي تدل

[1] ضحى الإسلام 2: 294-295. وانظر أيضًا كتاب "العربية" ليوهان فك، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار ص61-63.
[2] ابن النديم، الفهرست: 86.
3 المصدر السابق: 81.
4 السيرافي، أخبار النحويين البصريين: 56.
[5] مراتب النحويين، ورقة: 146.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 434
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست