اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 41
النقط أمر كان شائعًا في العهود الإسلامية قرونًا متوالية، بل لقد عد بعضهم الإعجام والنقط مما لا يليق في الكتب والرسائل؛ لأنه يدل على أن الكاتب يتوهم فيمن يكتب إليه الجهل وسوء الفهم[1].
وحسبنا ما قدمنا عن النقط، ونحن أول من يعرف أن هذا كله لا يقوم وحده دليلًا قاطعًا على وجود النقط قبل الإسلام، ولكننا أحببنا أن نثبته للأسباب التي قدمناها، فلعل غيرنا قادر من بعدنا على الوصول إلى مفصل من الأمر يتم به ما بدأنا. [1] قال أبو بكر الصولي في كتابه أدب الكتاب ص57-58 "كره الكتاب الشكل والإعجام إلا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء إلى من دونهم. فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم ترك ذلك في الملتبس وغيره؛ إجلالًا لهم عن أن يتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهًا لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف".
تعلم الكتابة في الجاهلية وشيوعها:
-1-
لم يُعن القدماء من المسلمين -فيما وصل إلينا من كتبهم- بدراسة مناحي الحياة الجاهلية دراسة مفصلة، تتناول أجزاءها ودقائقها في كتب أو رسائل مفردة، يختص كل كتاب بمنحى من مناحي تلك الحياة المتشعبة. ولا يعني ذلك أن هؤلاء القدامى قد أغفلوا الجاهلية إغفالًا، بل لا يكاد كتاب عربي قديم يخلو من ذكر الجاهلية وحياة أهلها، ولكن الحديث عن هذه الجاهلية لم يكن يُقصد لذاته، فتسبر أغواره ويلم شتاته، وإنما كان يُقصد لغيره من موضوعات العصور الإسلامية التي كانوا يكتبون فيها، فيستطردون للحديث عن الجاهلية: متمثلين مستشهدين، أو مقابلين موازنين، أو واعظين منذرين،
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 41