اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 356
مجاميع، طُبع أحدها. وتدل هذه القصائد بطبيعتها على معرفة بالهجاء، وهي تشير في مواطن كثيرة إلى الكتابة، فلا شك إذن في أن عرب ما قبل الإسلام -الذين كانوا يستخدمون لغة القرآن! - كانوا مجتمعًا أدبيًّا عاليًا! ولا تكاد بلاد الإغريق القديمة تعرض علينا عددًا مثل هذا من عبدة آلهة الفن! ".
3- ثم ينتقل إلى الحديث عن حفظ هذا الشعر الجاهلي، فيقول[1]: "لو فرضنا أن هذا الشعر حقيقي، فكيف حفظ؟ لا بد أنه حفظ إما بالرواية الشفهية وإما بالكتابة ويبدو أن الرأي الأول "أي الرواية الشفهية" هو الرأي الذي يذهب إليه المؤلفون العرب، مع أنه ليس بالرأي الذي يجمعون عليه كما سنرى". ثم يشك -كعادته- في أن يكون الشعر الجاهلي قد حُفظ بالرواية الشفهية، ويبنى شكه على ثلاثة أسباب، الأول: "إذا كانت قصائد عدة ذات أبيات كثيرة قد حُفظت بالرواية الشفهية فلا يمكن أن يكون ذلك إلا إذا وجد أفراد عملهم أن يحفظوها في ذاكرتهم وينقلوها إلى غيرهم، وليس لدينا ما يدعونا إلى الظن بأن حرفةً مثل هذه قد وُجدت أو أنها بقيت خلال العقود الأولى من الإسلام! " والثاني: ما يذهب إليه المسلمون من أن "الإسلام يجبُّ ما قبله"[2] وما ورد في القرآن من "أن[3] أتباع الشعراء هم الغاوون فحديث القرآن عنهم فيه قسوة عليهم واحتقار لهم. فثمة إذن سبب قوي يدعو إلى نسيان الشعر الجاهلي إذا كان ثمة شعر جاهلي حقيقة! " والثالث مرتبط بالثاني وهو "أن الأعمال التي تخلدها عادة هذه القصائد كانت انتصارات القبائل بعضها على بعض، والإسلام، الذي كان يرمي إلى توحيد العرب ونجح نجاحًا كبيرًا في تحقيق تلك الوحدة، كان يحث على نسيان تلك الحوادث، والقصائد التي من هذا الضرب تثير النفوس وتهيج الدماء4". [1] ص423. [2] ص424. [3] ص424.
4 نفسه
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 356