اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 181
وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها ... وهو ثقة في نفسه، إنما تكلم فيه بسبب كتاب عنده".
ومن أجل ذلك كان مما يهجى به العالم الاكتفاء بالأخذ عن الصحف وحدها، وإهمال الإسناد إلى الشيوخ، فقال بعضهم يهجو أبا حاتم السجستاني1:
إذا أسند القوم أخبارهم ... فإسناده الصحف والهاجس
ومن أجل ذلك أيضًا كان مما يُمدح به العالم أنه لا يكتفي بالأخذ عن الصحف وحدها فلا يقع في التصحيف، ومن ذلك ما مدح به أبو نواس خلفًا الأحمر2:
لا يهم الحاء في القراءة بالـ ... ـخاء ولا لامها مع الألف
ولا يُعَمِّي معنى الكلام ولا ... يكون إنشاده عن الصحف
وقال فيه أيضًا:
فكلما نشاء منه نغترف ... راوية لا يجتني من الصحف
أفليس من الطبيعي بعد هذا كله أن يتجنب هؤلاء العلماء النص على الكتب التي أخذوا منها، وأن يكتفوا بسماعهم شيخهم أو قراءتهم عليه؟
ثم إذا بلغ هذا المتعلم من العلم مبلغًا يتيح له أن يجلس منه المتعلمون مجلسه من أولئك العلماء، أسند ما يلقيه من العلم إلى شيوخه، فيقول: حدثنا فلان، وأخبرنا فلان، وسمعت فلانًا يقول. وهذه الصيغ المختلفة للتحديث موهمة أنها كانت رواية شفهية، وأن مجلس العلم كله كان حديثًا لا كتاب فيه. ولكن الأمر على غير ذلك. فإن هذه الصيغ كلها إنما تدل على ما ذكرناه من حديث
1 العسكري، التصحيف والتحريف: 13.
2 التصحيف والتحريف: 13 والبيتان فيه متداخلان محرفان، وصوابهما من ديوانه ص135؛ المطبعة العمومية بمصر سنة 1898.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 181