اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 152
فأودى السفيه برأي الحليـ ... ـم وانتشر الأمر لم يبرم
وذكروا أن عروة الزبير وهو أيضًا ممن كتب السير والمغازي كان من أروى الناس للشعر[1].
وكذلك كان المفسرون يعتمدون على الشعر الجاهلي وكلام العرب في تفسير ألفاظ القرآن الكريم وفهم معانيه: فقد رُوي عن عمر بن الخطاب أنه قال على المنبر[2]: ما تقولون فيها؟ "يقصد في قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّف} "، فسكتوا. فقام شيخ من هذيل، فقال: هذه لغتنا، التخوف: التنقص.
فقال: هل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال: نعم، قال شاعرنا أبو كبير يصف ناقته:
تخوف الرحل منها تامكًا قردًا ... كما تخوف عود النبعة السفن3
فقال عمر: عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.
ويُروى قريب من هذا عن ابن عباس، فقد ذكر أبو بكر الأنباري[4] قال: أتى أعرابي إلى ابن عباس فقال:
تخوفني مالي أخ لي ظالم ... فلا تخذلني اليوم يا خير من بقي
فقال ابن عباس: تخوفك أي تنقصك؟ قال: نعم. قال: الله أكبر!
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّف} أي تنقص من خيارهم.
وقد كان ابن عباس حريصًا على الشعر الجاهلي يحث الناس على تعلمه [1] ابن كثير، البداية والنهاية 9: 101. [2] تفسير البيضاوي، سورة النحل آية: 46.
3 التامك: السنام. القرد: الكثير القردان أو السمين. السفن: حجر ينحت به. [4] القالي، الأمالي 2: 112.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 152