اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 760
ومر رجل بآخر يأكل فسلم عليه فقال له: هلمّ. فهمّ الرجل أن يقعد معه، فقال الآكل: رفقا أما عرفت هذا ما هو؟ فقال: ما هو؟ قال: عليّ أن أقول هلمّ، وعليك أن تقول هنيئا، حتى يكون كلاما بكلام. فقام الرجل، فقال: قد أعفيتك من التسليم ومن تكليف الرد، فقال: قد أعفيت نفسي إذا من هلمّ.
قال شاعر:
وجيرة لا ترى في النّاس مثلهم ... إذا يكون لهم عيد وإفطار
أن يوقدوا يوسعونا من دخانهم ... وليس يدركنا ما تنضج النّار
المستأثر بسنى الطّعام على الضّيف
قيل: كان مالك بن المنذر يقدم إليه ثريدة بلقاء ما يليه منها حواري، وما يلي الناس خشكار، فقال شاعر:
أمير يأكل الفالوذ فردا ... ويطعم ضيفه خبز الشّعير
وقال أبو بكر بن أبي سعيد لأبي الفضل بن العميد وقد استبد بأكل طعام دون ندمائه: أيها الأستاذ هذا من الصفايا، أراد به قول الشاعر:
لك المرباع منها والصّفايا «1»
وقال: وقد قدّم طعام فمدّ أبو الفضل سبط العميد يده فتناوله، فقال: أنت كما قال:
أبوك لنا غيث نعيش بسيبه ... وأنت جراد لست تبقي ولا تذر «2» من حرد لتناول أكيله ما بين يده
أكل أعرابي مع سليمان بن عبد الملك، فتناول الأعرابي من بين يديه شيئا فأكله، ثم مدّ يده فتناول شيئا آخر، فقال سليمان: كل ممّا يليك، فقال: أو ههنا حمى، فقال: خذها لا هنأ لك المرتع.
وأكل صعصعة مع معاوية فأخذ شيئا من بين يديه، فقال معاوية: انتجعت، فقال: من أجدب انتجع ومن لم يعد الجواب انقطع. وأكل آخر مع معاوية فجعل يمزق جديا على المائدة ويمعن في أكله، فقال معاوية: إنك تحرد عليه كأن أمه نطحتك، فقال الرجل:
وإنك المشفق عليه كأن أمه أرضعتك.
ذمّ من لا يظفر بخبزه
قيل لرجل: كيف وجدت فلانا؟ قال: كان بي الجوع فانتظرت الطعام فأبطأ
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 760