اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 730
فلما بلغ قوله:
إذا تغدّى رفعت ستوره
أمسك حتى بلغنا المنزل، فقلنا: لم لم تكن تنشد قبل هذا؟ فقال: تفاديا من أن تحسبوني أعرّض بزادكم.
حمد الرّضا بما يتسهّل
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: كفى بالمرء عيبا أن يتسخّط ما قرب إليه. وقيل: كل في شهوة أهلك. قال الأصمعي: رأيت إعرابية تأكل قشور الرمان، فقلت: ما هذا؟ قالت: أدفع به الجوع، فإن الجوع إذا دفعته بشيء اندفع. قال شاعر:
تنافس في طيب الطعام وكلّه ... سواء إذا ما جاوز اللهوات
وقال ابن الرومي:
ومتى شرهت فإنّ أيسر لذّة ... لك إن نظرت مع السلام كافية
وقال آخر:
وما هي إلا جوعة إن سددتها ... فكلّ طعام بين جنبيك واحد
وقال آخر:
وما أكلة إن نلتها بغنيمة ... ولا جوعة إن جعتها بغرام
وقال بعضهم: لقيت أعرابيا، فقلت من أين؟ فقال: من البادية من جبل ضربة، أرض لا نبتغي بها بدلا ولا عنها حولا، في أرغد عيش وأنعم معيشة، فالحمد لله على ما بسط من السعة ورزق من حسن الدعة، أو ما سمعت قول قائلنا:
إذا ما أصبنا كلّ يوم مذيقة ... وخمس تميرات صغار هوامز «1»
فنحن ملوك النّاس خصبا ونعمة ... ونحن أسود الغاب وقت الهزاهز «2»
وكم متمن عيشة لا ينالها ... ولو نالها أضحى بها جدّ فائز
الشّاكي عدم المآكل
قيل لرجل: بم تسحرت البارحة؟ فقال: باليأس عن الفطور الليلة. وقيل لرجل: ما تأكل، قال: الخبز والزيت، فقيل: أتصبر عليهما، فقال: ليتهما صبرا عليّ. قال جرير:
تكلّفني معيشة آل زيد ... ومن لي بالمرقّق والصّناب «3»
وقال أعرابي لامرأته: لو كان عندنا تمر وسمن لطلبنا دقيقا واستعرنا طنجيرا واتخذنا
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 730