اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 728
وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ
«1» .
وقال صلّى الله عليه وسلم: ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان ولا بد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس.
وفي كتاب كليلة ودمنة: ليعد من البهائم من همّته بطنه وفرجه. وكانت العرب تسمي الشبع أبا الكفر. وقيل: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة. البطنة تذهب الفطنة.
قيل: لا تسكن الحكمة بطنا مليء طعاما. من الكرم تنزيه القرم. وقيل: الشبع داعية البشم والبشم داعية السقم والسقم داعية الموت، ومن مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة.
قال الحسن: مسكين ابن آدم صريع الشبع أسير الجوع.
قال شاعر:
وإن امتلاء البطن في جسد الفتى ... قليل غناء، وهو في الجسم صالح
وقال طرفة في عمرو بن هند:
ويشرب حتّى يغمر المحض قلبه ... وإن أعطه أترك لقلبي مجثما «2»
وباع مالك بن دينار جارية فزارته يوما، فقال: كيف ترين مواليك؟ فقالت: ما أكثر خير بيوتهم، فقال: أخبرتني عن عمران حشوشهم.
وقال يحيى بن معاذ: من أكل حتى شبع عوقب بثلاث، يلقي الغطاء على قلبه والنعاس على عينيه والكسل على جسمه. وقال بشر الحافي:- من ضبط بطنه فقد ضبط الأعمال الصالحة كلّها. وقال بشر بن الحارث: لا تعوّد نفسك الشبع من الحلال فتدعوك إلى الحرام. وسأله رجل عن غسل الجمعة، فقال: أغسل بطنك يكفيك عن غسل بدنك.
واشتهى أبو مسلم الهريسة، فقال لطبّاخه: اشتهيت هريسة فاتخذها أجود ما يكون، فلما قدمت إليه أمر بأن ترفع ولم يأكل، ثم قال له من بعد اتخذ هريسة فاتخذها وقدمها إليه فلم يأكل، وتقدم إليه ثالثا فعملها وقدمها فلم يأكل، فقال الطبّاخ: أيها الأمير لقد أجدت حتى لا غاية، فما الذي يحجزك عنها؟ قال: رأيت نفسي قد شرهت إلى تناولها فكرهت أن تغلبني شهوتي. وقيل: لا تجعلوا بطونكم خزائن الشيطان يضع فيها ما أحب.
حدّ الشّبع
قيل لأعرابي سأل ما حدّ الشبع، هو الامتلاء من الطعام حتى لا تشتهيه، فقال: وهل يكون ذلك إلا في الجنة. وقال أعرابي: اللهم إني أسألك ميتة كميتة عرفجة، فقيل كيف مات؟
قال: أكل بزخا وشرب مشعلا والتف في كسائه ومات فلقي الله شبعان ريان دفآن.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 728