اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 682
وقال دعبل:
يعدّ ما أنفق من ماله ... غنما وما وفّره غرما
وله:
فتى لا يرى المال إلا العطاء ... ولا الكنز إلا اعتقال المنن
من لا يعدّ ماله إلّا ما وهبه
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة جهد من مقل. وقال بعض الصوفية: ليس السخاء أن تعطي الواجد العادم إنما السخاء أن تعطي العادم الواجد قال شاعر:
إذا تكرّمت أن تعطي القليل ولم ... تقدر على سعة لم يظهر الجود
بثّ النوال ولا يمنعك قلّته ... فكلّ ما سدّ فقرا فهو محمود
وقال آخر:
ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتّى تجود وما لديك قليل
وقيل: لم يحرم من قصد له. من يكثر العطاء وإن قلّ ماله
قال ابن هرمة:
وينال بالمال القليل تبرّعي ... فما يضيق بها ذراع المكثر
وقال العرندس:
ولم يك أكثر الفتيان مالا ... ولكن كان أرحبهم ذراعا
وقال آخر:
ما كان عارا إذا ضيف تضيفني ... ما كان عندي إذا أعطيت مجهودي
جهد المقلّ إذا أعطاك نائله ... ومكثر من غنى سيّان في الجود
وقال معن بن زائدة: طلبني المنصور فهربت منه متنكرا، فلقيني أسود فتعلق بي وقال: أنت طلبة أمير المؤمنين، فقلت: إتق الله فإني غريب، فقال: دعني من هذا، فقلت: إنك إن أتيته بي لا تنتفع منه بكثير نفع، فدونك هذه الجواهر فقيمتها ألوف دنانير، فقال: دعني من ذا أنت موصوف بالجود، هل أعطيت مالك كلّه أو نصفه أو ثلثه، فقلت:
لا، فقال: أنا مشاهرتي كل شهر عشرون درهما ومالي على ظهر الأرض ما قيمته مائة درهم، وها أنا قد وهبت لك هذه الجواهر ووهبتك لنفسك لتعلم أن لله عبادا أسخى منك، ففارقته وأنا بعد في طلبه.
من أعطى الكثير لمن يرضيه القليل
سوّى حجّام شارب الحسن فأعطاه درهمين، فقيل: إنه كان يكتفي بدانق، فقال: لا تدنقوا يدنق عليكم.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 682