اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 660
وقال الفرزدق:
أما البنون فقد ردّت شفاعتهم ... وشفعت بنت منظور بن ريّانا
ليس الشفيع الذي يأتيك مؤتزرا ... مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا
كون المحسن محبّبا إلى المحسن إليه:
قال الفزاري:
ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل
وقال المتنبيّ:
وأحسن وجه في الورى وجه محسن ... وأيمن كفّ في الورى كفّ منعم «1»
وقال الموصلّي:
أرى النّاس خلان الجواد ولا أرى ... بخيلا له في العالمين خليل
كون المحسن إليه محبّبا إلى المحسن
قيل لبعضهم: أي الناس أحب إليك؟ قال من أولاني معروفا، قيل: فإن لم يكن؟
قال من أوليته معروفا. وقيل: أكرم الناس من كثرت أياديّ إليه. وقام رجل من مجلس خالد بن عبد الله، فقال خالد: إني لأبغض هذا الرجل وماله إلي ذنب، فقال رجل: أوله خيرا تحببه فأولاه معروفا، فما لبث أن كان من المحظيين عنده. وقال رجل لهشام: إن الله تعالى جعل العطاء محبّة والمنع مبغضة، فأعنّي على حبّك.
وقيل للفرزدق: إنك لتمدح آل المهلب وتحبّهم بعد أن لم تكن على ذلك، فقال:
أما علمت أن إعطاء اللها «2» يفتح اللها ويغرس الهوى. حثّ من آتاه الله نعمة على حفظها بإسداء الصّنيعة
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: من اتصلت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فمن لم يحتمل تلك المؤن عرض لزوال تلك النعم. أخذه الشاعر، فقال:
من لم يواس النّاس من فضله ... عرّض للإدبار إقباله
وقيل: اجعل معروفك حرزا من بداية الغرر وبوادر الغير، وقال خالد بن عبد الله:
حوائج الناس إليكم نعم من الله عليكم فلا تملّوا النعم فتتحول نقما، وأفضل الأموال ما أكسب أجرا وأورث ذكرا.
قال دعبل:
قال العواذل أودى المال قلت نعم ... ما بين أجر ألقاه ومحمدة «3»
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 660