اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 657
كذبا سرّنا وقلنا له كذبا سره، فما معنى بذل المال؟ أما قول بقول فنعم، وأما بذل بقول فمحال.
كثرة مسألة مماطل
قال العبّاس بن الأحنف:
ومتى لا تملّ مطلي فإنّي ... مغرم لا أملّ طول التقاضي
وقال محمد بن بشير:
إصبر لمرّ قضاء الحقّ معترفا ... فقد صبرنا لطول الحقّ مذ حين
وقال آخر:
أناجز لي في ذا العام موعدكم ... أم موعد هو منظور إلى قابل
وقيل: أنفق ما يكون التعب إذا وعد كذّاب حريصا.
إن كان ينفع رقية أو رقعة ... فلسوف أملؤكم رقى ورقاعا
ومن نوادر هذا الفصل، قيل لبعضهم: كيف حالك مع فلان؟ فقال: لا أحصل منه إلا على دقّ الصدر والجبهة، فقيل: كيف؟ قال: إذا سألته دقّ صدره ويقول أفعل، وإذا عاودته وتقاضيته دقّ جبهته، ويقول: لا قوة إلا بالله نسيت.
ويقارب هذا ما حكى عن الفضل عن مرداس أنه قيل له: قد تقطع صدر قميصك وركبته دون الباقي، قال: نعم، إني أقعد بالباب فيمرّ بي المار فيقول: سل السلطان لي كذا وافعل كذا، فأدقّ صدري إيجابا، ويأتي آخر فيقول: مات فلان أو حدث كذا فأدق ركبتي اغتماما.
(4) وممّا جاء في الشفاعات حثّ ذي الجاه على الشفاعة لذي الحاجة
قال الله تعالى: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها
«1» وقال صلّى الله عليه وسلم: إن الله يسأل العبد عن جاهه كما يسأله عن ماله وعمره، فيقول جعلت لك جاها فهل نصرت به مظلوما أو قمعت به ظالما أو أغثت به مكروبا.
وقال صلّى الله عليه وسلم: أفضل الصدقة أن تعين بجاهك من لا جاه له. وقال: الشفاعة زكاة ونصرة اللسان فوق نصرة السنان.
وكان زياد يقول لأصحابه: إشفعوا لمن وراءكم فليس كل من أراد السلطان وصل إليه، ولا كل من وصل استطاع أن يكلّمه.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 657