اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 615
الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى
«1» قال أبو حازم: ما احتجت إلى شيء مما يستقرض إلا استقرضته من نفسي. وقال ملك لعابد ما منعك أن تخدمني وأنت عبدي، فقال: لو صدقت نفسك لعلمت أنك عبد عبدي؟ فقال: كيف؟ قال: لأني ملكت الشهوة فهي عبدي وقد ملكتك فأنت عبدها فقال: صدقت. قال أشجع:
تجافى عن الدّنيا فقد فتقت له ... خواصرها واستقبلته أمورها
وقال آخر:
وخلّى عن الدّنيا وقد فرشت له ... محفلة أخلافها لم تصرّم
مدح متظلف «2» عن مال غيره متبرع بماله
وصف أعرابي رجلا، فقال: هو بماله متبرّع وعن مال غيره متورّع.
وقال شاعر:
أبو مالك قاصر فقره ... على نفسه ومشيع غناه «3»
وقال آخر:
وإني لعفّ الفقر مشترك الغنى
وقال إبراهيم بن العباس:
يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا
وقال آخر:
فتى إن هو استغنى تخرّق في الغنى ... وإن قلّ مالا لم يضع سنّة الفقر «4»
وقال ابن أبي ليلى لابن شبرمة: أما ترى هذا الحائك لا نفتي في مسألة إلا خالفنا فيها، يعني أبا حنيفة رضي الله عنه، فقال: ابن شبرمة: لا أدري حياكته ولكني أعلم أن الدنيا غدت إليه فهرب منها وهربت منّا فطلبناها. ذمّ إظهار الفقر والنهي عنه
قيل: أشدّ الأشياء مؤنة الفاقة وأشدّ من ذلك الاستكانة إلى من لا يجبرها. وقال أمير المؤمنين رضي الله عنه: رضي بالذل من كشف ضرّه. وقال حكيم: استتر من الشامتين بحسن العزاء عند النوائب.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: من هداه الله للإسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الفقر بين عينيه إلى يوم القيامة، ثم تلا قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 615