اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 598
في المال، فقيل: ولم يا روح الله؟ فقال: لأنه يجتمع من غير حلّ. قيل: فإن جمع من حلال؟ قال: لا يؤدي حقّه، قيل: فإن أدى حقّه، قال لا يسلم صاحبه من الكبر والخيلاء، قيل فإن سلم قال: يشغل عن ذكر الله، قيل: فإن لم يشغل، قال: يطول عليه الحساب يوم القيامة.
وذكر المال عند أفلاطون، فقال: ما أصنع بما يعطيه الحظّ ويحفظه اللؤم ويهلكه الكرم؟ وقيل لآخر، فقال: ما أصنع بشيء يجيء بالإتفاق لا الإستحقاق، والزهد والجود يأمران بإتلافه والشؤم والبخل يأمران بإمساكه.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس ولا انتعش. وإذا شيك فلا انتقش.
وقال أبو الدرداء: أعوذ بالله من تفرقة القلب، قيل وما تفرقة القلب؟ قال: أن يكون للإنسان مال في كل واد. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: من رضي من الله باليسير من الرزق رضي الله منه باليسير من العمل.
كثرة المال سبب الهلاك وقال ابن طباطبا:
إنّ في نيل المنى وشك الرّدى ... وقياس القصد ضدّ السّرف «1»
كسراج دهنه قوت له ... فإذا غرّقته فيه طف «2»
وقال ابن الرومي:
ألم تر أن المال يهلك أهله ... إذا جم آتيه وسدّ طريقه «3»
ومن جاوز الماء الغزير مجمّه ... وسدّ سبيل الماء فهو غريقه «4»
وقيل: صاحب الدنيا كدودة القز لم يزدد الأبريسم على نفسه إلّا زاد من الخلاص بعدا. وقال عبد الله بن رؤبة:
يرى راحة في كثرة المال ربّه ... وكثرة مال المرء للمرء متعب
إذا قلّ مال المرء قلّت همومه ... وتشعبه الأموال حين تشعب
كون العدم نعمة وبسط الدنيا نقمة
قال الله تعالى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ
«5» . وقال تعالى: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ
«6» . وفي بعض المناجاة: يا من منعه عطاء. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 598