اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 562
وتقدم فتيان إلى فقاعي «1» فشربوا فقاعا، وقالوا: ما معنا شيء فخذ من كل واحد منا صفعة رهنا، فصفع كل واحد صفعة، فجاؤوه في اليوم الثاني فقالوا خذ حقك ورد الرهن، فقال:
حلال لكم، فأبوا إلّا رد الرهن وأخذ الحق فأعطوه حقه وصفعه كل واحد صفعة.
(4) ومما جاء في الأيمان
النهي عن الأيمان وذمّ من يكثرها
قال الله تعالى: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا
«2» وقال الله تعالى: وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ
«3» قال سعيد بن جبير: هو أن يقول الرجل فيما شكّ على يمين وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: اليمين الغموس تدع الديار بلاقع. وقال: اليمين حنث أو مندمة، وأخذه بعض الشعراء فقال:
يا أيّها المولي على جهد القسم ... بعض التأنّي لا تسفّه أو تلم «4»
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: الأيمان الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب. وقال أمير المؤمنين رضي الله عنه: الحلف ينفق السلعة ويمحق البركة، والتاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطاه. قيل: العاقل إذا تكلم بكلمة أتبعها مثلا، والفاجر إذا تكلم أتبع كلامه حلفا.
قيل: فلان لو سكن الفالج في لسانه لما نقص حرفا من أيمانه.
النهي عن الحلف بغير الله
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله. وكانت قريش تحلف بآبائهم، فقال صلّى الله عليه وسلم: لا تحلفوا بآبائكم. الرخصة في لغو اليمين
قال الله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ
«5» وقيل: لغو اليمين أن يقول كان كذا والله ولا والله ونحو ذلك، وروي أن رجلا قال للحسن، وعنده الفرزدق، ما تقول فيمن يقول بلى والله ونعم والله، فقال الفرزدق: أما سمعت قولي في ذلك. فقال الحسن ما قلت، فقال:
فلست بمأخوذ بلغو تقوله ... إذا لم تعمّد عاقدات العزائم «6»
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 562