اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 56
مدح العروض وذمّه
قيل: معرفة العروض «1» تسهّل عليك ما تعوّج من الشعر، فإنّه نصابه «2» ونظامه وعموده وقوامه.
وعاب النظّام «3» الخليل فقال: تعاطى ما لا يحسنه، ورام ما لا يناله وفتنته دوائره «4» التي لا يحتاج إليها غيره.
ودخل أعرابي مسجد البصرة فانتهى إلى حلقة علم، يتذاكرون الأشعار والأخبار، وهو يستطيب كلامهم ثم أخذوا في العروض فلما سمع المفاعيل والفعول ورد عليه ما لم يعرفه فظنّ أنهم يأتمرون به فقام مسرعا وخرج وقال:
قد كان أخذهم في الشعر يعجبني ... حتّى تعاطوا كلام الزنج والروم
لما سمعت كلاما لست أعرفه ... كأنه زجل الغربان والبوم
ولّيت منفلتا والله يعصمني ... من التقحم في تلك الجراثيم
وقال ابن طباطبا:
كلّ العلوم يزين المرء بهجتها ... إلا العروض فقد شانت ذوي الأدب «5»
بي الدوائر دارت من دوارها ... ما لامرىء أرب في ذاك من أرب «6»
فاستعمل الذوق في شعر تؤلّفه ... وزن به ما بنوا في سالف الحقب
مدح الملح
قال الأصمعيّ: نلت بالعلم وصلت بالملح «7» . وقيل: النوادر تفتح الآذان وتفتّق الأذهان.
قال أبو عبيدة: الملح مروءة تنفق عند الإشراف، فارتادوا لها وانظروا عند من تضعونها.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 56