اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 543
قال واسألك: لم اخترت الرقة على بغداد وبغداد أطيب منها، قال: نعم أخبرك إذا فرغت. فلما فرغ دعا مسرورا الخادم فقال له: لا تشرب عليه الماء البارد إنه سألني عن ثلاث لو سألني المنصور عنها ما أجبته.
ومر المأمون متنكرا بحجّام فسمعه يقول لآخر: سقط هذا المأمون من عيني منذ قتل أخاه، فبعث إليه ببدرة، وقال: إن رأيت أن ترضى عنّي فعلت. وكان كسرى يستصفي الحجّامين في كل سبع سنين، ويقول: إنهم يبطرون إذا أثروا. ذم التكسب به
قيل: إنما يقال للحجّام قبيس لأن المسان تحمل إليهم من جبل أبي قبيس: ويقال:
إن الحجّامين بقم في بعض الأوقات غضبوا فاجتمعوا وخرجوا من البلد حتى طالت شعور أهلها واضطروا إلى أن خرجوا إليهم وقبلوا الأرض بين أيديهم وحلفوا لهم أن لا يؤذوهم ولا يلقبوهم فرجعوا.
وقيل: إن الفرزدق حضر مجلسا فيه بلال بن أبي بردة فجعل بلال يذكره مناقب جدّه، فقال الفرزدق: لو لم يكن له من المنقبة إلا أنه حجم النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: إنه ما حجم قبله ولا بعده. فقال الفرزدق: جدّك والله كان أفضل من أن يجرب الحجم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قال شاعر:
أبوك أوهى النجاد عاتقه ... كم من كميّ أدمى ومن بطل «1»
يأخذ من ماله ومن دمه ... لم يمس من ثاره على وجل «2»
وقال منصور بن باذان:
كم من رقاب جرحت طائعة ... من غير كفّيك لا ترام حمى «3»
ونهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن كسب الحجّام وقال هو خبيث، وهذا على التنزيه. وروي أنه عليه الصلاة والسلام احتجم وأعطى الحجّام أجره فلو كان حراما لم يعطه. وروي أنه حجمه عبد لبني بياضة فأعطاه أجره صاعا من تمر، وسأل مواليه أن يخفّفوا عنه من ضريبته.
ذمّ الإسكاف
قيل لمجنون: ما تقول في إسكاف مات وترك أختا وأما؟ فقال: ميراثه للكلاب ونفقته على الدباغين وليس لأمه ولا لأخته إلّا نثر التراب وتخريق الثياب. وقيل: وقع
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 543