اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 508
وقال المتنبّي:
يموت راعي الضأن في جهله ... ميتة جالينوس في طبّه «1»
وروي أن موسى عليه السلام قال: يا رب من أين الداء؟ قال من عندي، قال فالدواء قال من عندي، قال فالأطباء ما يصنعون، قال يطيّبون قلوب عبادي حتى تحل عافيتي أو بلائي، وقال ابن نباتة:
نعلل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء
ونختار الطبيب وهل طبيب ... يؤخر ما يقدّمه القضاء
وما أنفاسنا إلا حساب ... ولا حركاتنا إلا فناء «2»
وقال مسلمة ما وعظني شيء بعد القرآن كما وعظني بيتان لعمران بن حطان:
لنا كل عام مرضة ثم نقهة ... ونبغي ولا نبغى متى وإلى متى
فيوشك يوم أن يوافق ليلة ... يسوقان حتفا راح نحوك أو غدا وصف الحمّى
دخل بختيشوع على يحيى بن خالد بعقب حمى، فقال له: توقّ فإن حمى ليلة يبقى في البدن تأثيره سنة، وعنده وكيع فقال صدق، فقال يحيى ما أقرب تصديقك إياه، قال لأن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: حمى ليلة كفارة سنة فعلمت أن هذا كما قال. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول الحمى ناري أسلطها على عبدي فإن لم يشكني إلى عوّاده أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأخرجته من ذنوبه لهيئة يوم ولد. وقال صلّى الله عليه وسلم: الحمى من قبح جهنم فاطفؤوها بالماء، ويستجاد قول المتنبي:
وزائرتي كأنّ بها حياء ... فليس تزور إلّا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا ... فعافتها وباتت في عظامي
إذا ما فارقتني غسلتني ... كأنّا عاكفان على حرام
أراقب وقتها من غير شوق ... مراقبة المشوق المستهام «3»
حمّ أعرابي في أيام القيظ بمكة فأتى الأبطح وقت الظهيرة، فتعرى وطلى بدنه بالزيت ونام في الشمس وجعل يتقلب فيها، ويقول مخاطبا للحمى: لتعلمن ما نزل بك يا حمى عدلت عن الأمراء وأهل الثراء وجئتني، فعرق وذهبت حمّاه. وقام فسمع قائلا يقول: حم الأمير، فقال: أنا والله بعتها فلعن الله من وشى به عليّ.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 508