اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 505
يحبس البول والنجو والرياح التي تعرض في البطن من أراد حفظ الصحة فليقلّ الغذاء وغشيان النساء وشرب الماء. ولما احتضر الحارث بن كلدة اجتمع إليه شبان قريش فقالوا أوصنا، فقال: لا يتزوجن أحدكم إلّا شابة، ولا يأكل إلا لحم فتي، ولا يتناولن أحدكم الدواء ما احتملت نفسه الداء، ولا تأكلوا الفاكهة إلا في إبان نضجها. وإذا تغدى أحدكم فلينم عليه نومة وإذا تعشى فليتخطّ على أثر عشائه أربعين خطوة، وعليكم بالنورة في كل شهر فإنها مذيبة للبلغم مهلكة للمرة.
وقال أبقراط لما حضرته الوفاة: خذوا جامع العلم مني من كثر نومه ولانت طبيعته ونديت جلدته طال عمره. وقال اسكندر اجمعوا لي الطب في كلمات أتصورها. فقالوا: لا تدخل الفضل على المعدة ولا تمنع نفسك شهوتها فإن النفس تقوى على هضم المشتهي، ولا تنكحن عجوزا ولا تخرج الدم وأنت مستغن عن إخراجه فإنك لا تعل إلا علة الموت.
وقيل: راع غذاءك فأنت تحكم به بناءك.
أخبر حاتم بن زيد بن المهلب بشيخ قد أتت له مائة وخمسون سنة في اعتدال جسم ونضارة لون استدعاه وسأله، فقال: إن كان لما أرى من هذه الموهبة الجميلة سبب بعد تقدير الله تعالى فما أصفه ما احتملت مهما تبعد على مدافعته، ولا رأيت من زوجة مكروها، ولا اجتمع في بطني طعامان، وإذا شربت شرابا تناولته رقيقا طيبا لا أثمل منه ولا استدعي الطبيعة من غير عارض، وما استدعيت للباه حركة ألا أن يهيج بالطبيعة على القلب وإذا فعلت ذلك أقللت الحركة بقية يومي. وكان جالينوس يقول: اجتنبوا ثلاثة وعليكم أربعة ولا حاجة لكم بالطبيب. اجتنبوا الغشيان والغبيراء والنتن وعليكم بالدسم والطيب والحلواء والحمام. نفع النّوم ومضرّة السهر
قال المأمون: قد أصبت دواء يمرىء ولا يؤكل ولا يشرب فقيل ما هو؟ قال: النوم أثر الغداء. وقيل: إذا أكلت فاضطجع على جنبك الأيسر فإن الكبد يقع على المعدة فينضج الطعام فيهضمه.
ما تتولّد منه العلل
قيل: أضر الأشياء طعام بين شرابين وشراب بين طعامين. وقيل: أضر الأشياء للبدن الفكرة والسهر، وأنهك الأشياء للبدن الخوف. وقيل: ثلاثة تورث الهزال، شرب الماء على الريق والنوم على غير وطاء وكثرة الكلام برفع صوت، وقيل: أربع يهدمن الجسم وربما قتلنه، أكل القديد الجاف والجماع على الامتلاء ومجامعة العجوز وإدخال الطعام على الطعام. وشرب الماء في ثلاثة مواضع متلف: عقيب الخروج من الحمام وأثر الجماع وعلى الإعياء. وقيل: من أدوأ الداء الشرب على اللقمة في الفم وقال طبيب الهند: اجتنبوا ما أخرج الضرع والبحر والنخل تسلموا.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 505