اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 474
قال الله تعالى: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ
«1» ، فقال: صدقت. وأبلغ ملك عن رجل منكرا فأمر بقتله، فقال: إن قتلتني ومن سعى بي كاذب يعظم وزرك، وإن تركتني وهو صادق قلّ وزرك، وأنت من وراء ما تريد، والعجلة موكل بها الزلل فأمر بإبقائه والفحص عن أحواله.
قال كثيّر:
وإن جاءك الواشون عنّي بكذبة ... فروها ولم يأتوا لها بحويل «2»
فلا تعجلي يا عزّ أن تتبيّني ... بنصح أتى الواشون أم بحبول «3»
من سأل صاحبه أن لا يصغي إلى الساعي
لما أراد عند الملك بن صالح الهاشمي الخروج إلى الشأم استدعى حوائجه من جعفر بن يحيى، فقال: أسألك أن تكون لي كما قال ابن الدّمينة:
فكوني على الواشين لداء شغبة ... كما أنا للواشي ألدّ شغوب «4»
فقال له جعفر أكون كما قال الآخر:
وإذا الواشي أتى يسعى بها ... يقع الواشي بما جاء يضرّ
من بكّت الساعي به ودلّ على بطلان قوله
سعى رجل بالليث بن سعد إلى والي مصر فأحضره، فقال: إن رأيت أن تسأله أمرا ائتمنته عليه فخانه أم كذب بقوله فالخائن والكاذب لا يقبل قولهما. ووشى واش إلى زياد بن همام وقال: إنه هجاك فاحضره واعلمه، فقال: كلا. فقال: أخبرني بذلك الثقة، فقال: الثقة لا يكون نماما فأحضر الساعي وجبهه بذلك، فقال:
وأنت امرؤ ما ائتمنتك خاليا ... فخنت وإما قلت قولا بلا علم
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ... بمنزلة بين الخيانة والإثم
وقال الواثق لأحمد بن أبي دؤاد: فلان قال فيك كذا، فقال: الحمد لله الذي أحوجه إلى الكذب فيّ ونزّهني عن الصدق فيه.
من ردّ السعاية على السّاعي وبكّته
كان الفضل بن سهل يبغض السعاة، فإذا أتاه ساع، يقول: إن صدقتنا أبغضناك وإن كذّبتنا عاقبناك وإن استقلتنا أقلناك. ودخل رجل على عبد الملك، فقال: هل من خلوة فأقبل عبد الملك على أصحابه، وقال: إذا شئتم، فقاموا. فقال له عبد الملك: اسمع لا
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 474