اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 463
وقال أبو نواس لما مات جعفر بن يحيى. لا يكون في الدنيا أكرم منه هجوته وقلت فيه:
فلست وإن أطنبت في مدح جعفر ... بأوّل إنسان خرى في ثيابه
فأمر لي بعشرة آلاف درهم وقال اغسل بهذا ثيابك التي خريت فيها.
قال الموسوي:
مدحتهم فاستقبح المدح فيهم ... ألا ربّ عنق لا يليق به العقد من لا يستحقّ الهجو لخسّته ودناءته
قال أبو مسلم لأصحابه: أي الإعراض أدنأ، فقال بعضهم: عرض بخيل. فقال: رب بخيل لم يكلم عرضه أدنأ الأعراض عرض لم يرتع فيه حمد ولا ذم. وقيل للفرزدق:
وضعت كل قبيلة إلا تيما فقال: لم أجد حسبا فأضعه ولا بناء فأهدمه. وقال ابن مناذر لرجل: مالك أصل فأحقره ولا فرع فأهصره. وقال رجل للنمري: اهجني. قال: إنما يهجو مثلك مثلك، وقال:
إنّي لأكرم نفسي أن أكلّفها ... هجاء جرم وما يهجوهم أحد
ماذا يقول لهم من كان هاجيهم ... لا يبلغ النّاس ما فيهم وإن جهدوا
قال مسلم:
أمّا الهجاء فدقّ عرضك دونه ... والمدح فيك كما علمت جليل
فاذهب فأنت طليق جدّك إنه ... جدّ عززت به وأنت ذليل «1»
وقال المتنبّي:
فلو كنت امرأ يهجي هجونا ... ولكن ضاق فتر عن مسير «2»
أخذه من قول الراعي:
لو كنت من أحد يهجى هجوتكم ... يا ابن الرّقاع ولكن لست من أحد
من لا يهتزّ لمدح ولا يغتمّ لهجو
قال رجل لحكيم: لا أبالي مدحت أم هجيت، فقال: استرحت من حيث تعب الكرام. وقيل: من لا يبالي سخط الكرام وشكية الأحرار فطوقه سوءة الحمار. وقيل: ليعد ميتا من لم يهتز لمدح ولا يرتمض من ذم.
قال ابن الرومي:
فما يرتاح للمدح ... ولا يرتاح للذّم
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 463