اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 346
وقيل: المزاح يبدي المهانة ويذهب المهابة والغالب فيه واتر. والمغلوب ثائر.
وقيل: لا تفاكه أمة ولا تبل على أكمة، وقيل: احذر فلتات المزاح فسقطة الاسترسال لا تقال.
النهي عن مزاح من لا تجوز مباسطته
قيل: لا تمازح الصبيان فتهون عليهم:
لا تعرضنّ بمزح لامرىء طبن ... ما رامه قلبه أجراه في الشفة «1»
فربّ مخرمة بالمزح جارية ... مشبوبة لم يرد إنماؤها نمت «2» حمد الاقتصاد في المزح
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم، كان يمزح ولا يقول إلا حقا، وقال تعالى في صفة المؤمنين:
وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً
«3» وقال سعيد «4» بن العاص لابنه اقتصد في مزاحك فالافراط به يذهب البهاء ويجرىء عليك السفهاء وتركه يقبض المؤانسين ويوحش المخالطين قال خالد بن صفوان: لا بأس بالمفاكهة تخرج الرجل من حال العبوس. وقال رجل لابن عيينة: المزاح سبة فقال بل سنة لمن يحسنه:
يا ساعتي في مجوني ... قد طبت فيك وطبت
إنّي إذا ضاق صدري ... قطعت بالسّخف وقتي
وقيل الناس في سجن ما لم يتمازحوا، وقد ينفس عن جدّ الفتى اللعب.
بعض ما روي عن الأماثل في المزاح
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان من أفكه الناس. قالت له عجوز من الأنصار: يا رسول الله أدع لي بالجنة فقال صلّى الله عليه وسلم إن الجنة لا يدخلها عجوز فبكت المرأة وضحك النبي صلّى الله عليه وسلم وقال:
أما سمعت قول الله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً
«5» وقال لأخرى:
زوجك في عينه بياض فرجعت إلى زوجها فأخبرته، فقال أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها. وقال صلّى الله عليه وسلم لصبي: يا أبا عمير ما فعل النغير «6» ؟ وجاء رجل إلى أمير المؤمنين
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 346