اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 323
للحاجة وأبعد من الكبر أما سمعت قول الله تعالى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ
«1» ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يأكل على الأرض فقيل له في ذلك فقال: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد.
المتواضع بالقيام بحوائج النّاس وتحمّل أثقالهم
كان النبي صلّى الله عليه وسلم يمشي مع الأرملة يقضي حاجتها ولا يستنكف «2» ، واشترى رجل شيئا فمر بسلمان وهو أمير المدائن فلم يعرفه فقال: احمل هذا معي يا علج «3» ، فحمله وكان من يتلقاه يقول ادفعه إليّ أيها الأمير فيقول: لا والله لا يحمله إلا العلج والرجل يعتذر إليه ويسأله أن يردّه عليه وهو يأبى حتى حمله إلى مقرّه.
المتواضع في قيامه بأمر عياله
اشترى أمير المؤمنين رضوان الله عليه تمرا بدرهم فحمله في ملحفته فقال له بعض أصحابه: دعني أحمله، فقال: أبو العيال أحق أن يحمله. ورؤي بعض الكبار وبيده بطن شاة فقال له رجل: ادفعه إليّ فإنه يزري «4» بك، فقال:
ما نقّص الكامل من كماله ... ما جرّ من نفع إلى عياله
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يحمل الحزمة من الحطب وهو خليفة مروان، وكان يقول: وسّعوا للأمير. حمد تعظيم الكبار
قدم قيس بن عاصم على النبي صلّى الله عليه وسلم وكان سيد أهل الوبر فبسط له رداءه ثم قال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. وروي أن مجوسيا دخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخرج صلّى الله عليه وسلم من تحته وسادة حشوها ليف وطرحها له وأقبل عليه يحدّثه، فلما نهض قال عمر رضي الله عنه: إنّه مجوسي، فقال عليه الصلاة والسلام: قد علمت ولكن جبريل عليه السلام يأمرني أن أكرم كلّ كريم قوم إذا أتى، وهذا سيد قومه.
وقال الشعبي: ركب زيد بن ثابت فدنا منه عبد الله بن العباس رضي الله عنهم ليأخذ بركابه فقال: ما تفعل يا ابن عم رسول الله؟ فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأمرائنا فقال زيد ارني يدك فأخذها وقبلها وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبيّنا.
النهي عن التصدّر في المجالس
قال زياد لابنه: إياك وصدر المجالس فإنه مجلس قلعة. قال الأحنف: ما جلست مجلسا خفت أن أقام منه لغيري ولهذا باب في غير هذا الموضع.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 323