اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 296
من الذنب إلا بإقلاع عنه. وكتب كاتب: إن تركت الأعتذار فلما قال الشاعر:
إذا لم يكن للعذر وجه مبين ... فإن اطراح العذر خير من العذر «1»
وقيل للمطيع «2» وقد بلغ المهتدي «3» عنه شيء أنكره: إن كان ما بلغك حقا فما تغني المعاذير وإن كان كذبا فما تضرّ الأباطيل. الممتنع من العذر عن حقّ أورده
سأل الحجاج أعرابيا عن أخيه محمد بن يوسف: كيف تركته؟ فقال: تركته سمينا عظيما. قال: إنما سألت عن سيرته، قال: ظلوما غشوما. قال: أما علمت أنه أخي؟ قال:
نعم ما هو بك أعزّ منّي بالله فأمر بضربه، فقيل له: اعتذر إليه. فقال: معاذ الله أن أعتذر من حق أوردته.
وخطب الحجاج يوما فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة والوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك فأمر بحبسه فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون فإن رأى أن يخلي سبيله فقال: إن أقر بالجنون خلّيته. فقيل له ذلك فقال: معاذ الله لا أزعم أن الله ابتلاني وقد عافاني. فبلغ ذلك الحجّاج فعفا عنه لصدقه.
ودخل رجل على سلطان وكان قد أذنب فقال: بأي وجه تلقاني؟ فقال: بالوجه الذي ألقى به الله، فإن ذنوبي إليه أكثر وعقوبته أكبر. فعفا عنه ووصله.
تأسّف من يعاتب من غير ذنب
قال شاعر:
قد يلام البريء من غير ذنب ... وتغطّى من المسيء الذّنوب
وقال آخر:
إذا كنت ملحيا مسيئا ومحسنا ... فغشيان ما تهوى من الأمر أكيس «4»
وقال البحتري:
إذا محاسني اللاتي أدلّ بها ... كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر!
وفي المثل: ربّ ملوم لا ذنب له. قال شاعر:
وكم من موقف حسن أحيلت ... محاسنه فعدّ من الذّنوب
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 296