اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 264
إن استفرغ في الخدمة جهده خيّل إليه أنه بذل عفوه. أثبت من الجدار إذا استمهل وأسرع من البرق إذا استعجل.
قال الرشيد لإسحاق الهاشمي: أخبرت أن لك غلاما فصيحا، فقال: ها هو بالباب. ثمّ دعاه فقال: إن مولاك قد وهبك لنا. قال: فما زلت وما تحولت. فقلنا: ما معنى قولك فقال: ما زلت لك منذ كنت غلامه وما تحولت عنه إذ صرت لك، فأمر له بصلة وأحسن إليه. من أعتق من صلحاء العبيد
حكي أنّ ابن عمر رضي الله عنه مرّ براعي غنم مملوك فقال: أتبيعني شاة من غنمك؟
قال: ليست هي لي، فقال: أين العلل وأراد أن يمتحنه فقال: فأين الله؟ فاشتراه وأعتقه.
فقال الغلام: اللهم إنك رزقتني العتق الأصغر فارزقني العتق الأكبر، وأعتق عمرو بن عقبة غلاما له كبيرا فقام إليه عبد صغير فقال: اذكرني يا مولاي ذكرك الله بخير فقال إنك لم تخرف، فقال: إن النخلة قد تجني زهوا قبل أن تصير معوا «1» قال: قاتلك الله لقد استعتقت وحسنت وقد وهبتك لواهبك، كنت أمس لي واليوم مني، سبي فيلسوف وأراد رجل شراءه فقال له لماذا يصلح؟ قال: للحرية.
ذمّ العبيد
قيل: ليس عبد بأخ لك. قال ابن سعد:
العبد لو كانت ذؤابة رأسه ... ذهبا لكان رصاصة رجلاه
قال المتنبي «2» :
أنوك من عبد ومن عرسه ... من حكّم العبد على نفسه «3»
فلا ترج الخير عند امرىء ... مرّت يد النخّاس في رأسه «4»
أراذل الخدم
كان لبعضهم مملوك يتشطر وكان إذا قال له صاحبه: هات الدواة، قال: مرحبا بجعفر البرمكي. وإذا قال: ناولني ثوبي. قال: قيصر يلبس وإذا قال: اغسل ثيابي. قال:
يونس النبي كان خيرا منك. لبس القرع، وآدم عليه السلام لبس ورق التين، وأنت لا تلبس ثوبا وسخا. وإذا قال: اذهب إلى السوق. قال: خذلني «5» الله إن ذهبت حتى آكل كبابا
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 264